العالم، وأخذ في تفسير الكتاب العزيز أيام الجُمَع على كرسي من حِفْظه، فكان يورد ما يقوله من غير توقُّفٍ ولا تلعثم، وكذا كان يورد الدَّرْس بتُؤَدَةٍ وصوتٍ جَهْوَري فصيح.

وحَجَّ سنة إِحدى وتسعين (?) وله ثلاثون سنة، ورجع وقد انتهت إليه الإِمامة في العِلْم، والعمل، والزُّهْد، والورع، والشجاعة، والكرم، والتَّواضع، والحِلْم، والأناة، والجلالة، والمهابة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مع الصِّدْق والأمانة والعفَّة والصِّيانة، وحُسْن القَصْد والإِخلاص، والابتهال إِلى الله، وشِدَّة الخوف منه، ودوام المراقبة له، والتمسُّك بالأثر، والدُّعاء إِلى الله، وحُسْن الأخلاق، ونفع الخلق والإِحسان إليهم.

وكان - رحمه الله - سيفًا مسلولاً على المخالفين، وشجًى في حُلُوق أهل الأهواء والمبتدعين، وإمامًا قائمًا ببيان الحَقِّ ونُصْرة الدِّين، طَنَّت بذكره الأمصار، وضَنَّت بمثله الأعصار.

وقال شيخنا الحافظ أَبو الحَجَّاج: ما رأيتُ مِثْلَه، ولا أرى هو مِثْلَ نَفْسِه، وما رأيت أحدًا أعلم بكتاب الله وسُنَّة رسوله، ولا أتبه لهما منه.

وقال العَلاَّمة كمال الدين بن الزَّمْلِكاني: كان إِذا سُئل عن فنٍ من العِلْم ظَنَّ الرَّائي والسَّامع أَنَّه لا يعرف غيرَ ذلك الفن، وحَكَمَ أن أحدًا لا يعرفه مِثْله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إِذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يُعرف أّنَّه ناظر أحدًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015