وغيرهما، والأراجيف تتبع بعضها بعضًا، والإزعاج وافر، والصدور ضيقة، وغلت الأكرية وبلغ كرى المَحَارَة إلى مصر خمس مائة درهم، وبلغ ثمن الجمل ألف درهم، وثمن الحِمَار خمس مائة درهم، وباع الناس الأمتعة بالثمن البخس من الحلي والنحاس والقماش، وطاشت الألباب، وتحير الناس، وتفرقت القلوب، وجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية في مكانه بالجامع يوم الاثنين ثاني صفر يفسر آيات الجهاد، ويحض الناس على لقاء العدو، وعلى الغزو والإنفاق في سبيل الله، ويوجه وجوب قتالهم ويقلل عددهم، ويضعف أمرهم، ويوبخ من قَصَد الهرب، ويحضه على إنفاق مقدار مايخرجه في ذلك الغزو، واستمر يجلس أيامًا متوالية. (ص 122).

واستهل جمادى الأولى (سنة 700) والناس في رجفات وخوف ووجل وشدة، وأرباب المناصب قد ضاقت صدورهم وتمنوا الهرب، وأن يؤذن لهم في ذلك، والناس في خوف من عدم قدوم العسكر والسلطان، ومن لم يتحيل أولاً قام وتحيل وباع ورهن، وقاسى الناس شدة شديدة، ويقولون: أين العسكر وما هذه أحوال من نيته الحضور؟! وهؤلاء قد تركوا الشام وإنما يقاتلون عن ديار مصر وما شابه ذلك، وخرج الشيخ تقي الدين ابن تيمية مستهل جمادى الأولى إلى المرج إلى المخيم فاجتمع بنائب السلطنة وسكنه وثبته، وأقام عنده إلى بكرة الأحد ثالث الشهر فودعه وساق على خيل البريد إلى الجيش المصري فما أدركهم إلا بعد دخولهم القاهرة. (ص 131).

وفي بكرة الاثنين الخامس والعشرين من جمادى الأولى وصل كتاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى دمشق، متضمنًا أنه دخل القاهرة على البريد في سبعة أيام والثامن، وأن وصوله كان يوم الاثنين حادي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015