زخرفت اليهود والنصارى. اهـ.
والتباهي بها: العناية بزخرفتها، والتسابق في ذلك.
وقد نهى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن زخرفة المساجد؛ لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم، مع ما فيه من الإسراف والتبذير، فقال -رضي الله عنه- عندما أمر بتجديد المسجد النبوي -مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال-: "أكنّ الناس من المطر، وإياك أن تحمّر أو تصفّر، فتفتن الناس" (?).
قال النووي: (يكره زخرفة المسجد ونقشه وتزيينه؛ للأحاديث المشهورة، ولئلا يشغل قلب المصلي) (?).
ولعل المراد بذلك كراهة التحريم لما في ذلك من إضاعة المال، والتسبب في إشغال المصلين، وإبعادهم عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى. وقد ذكر كثير من أهل العلم زخرفة المساجد من البدع في الدين (?).
قال ابن بطال بعد أن ذكر آثارًا تدل على كراهية المغالاة في تشييد المساجد وتزيينها قال: (وهذه الآثار مع ما ذكر البخاري في هذا الباب تدل على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تشييدها خشية الفتنة والمباهاة ببنائها ... ) وكان عمر -رضي الله عنه- قد فتح الله الدنيا على أيامه ومكنه من المال فلم يغير المسجد عن بنيانه الذي كان عليه في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثم جاء الأمر إلى عثمان، والمال في زمانه أكثر، فلم يزد أن جعل في مكان اللبن حجارة وقصّة (?)، وسقفه بالساج مكان الجريد، فلم يقصّر هو وعمر عن البلوغ في تشييده إلى أبلغ الغايات إلا عن علم منهما من الرسول بكراهة ذلك، وليقتدى بهما في الأخذ من الدنيا بالقصد والكفاية، والزهد في معالي أمورها، وإيثار البلغة منها (?).
ويجب الحذر من الإسراف في توابع المسجد أو مكملاته من محرابه وأبوابه ونوافذه وفرشه وإنارته ومكبرات الصوت، ووسائل التبريد، فلا بد أن يكون ذلك بالقدر الكافي، والحذر مما يزيد على كفاية.
وينهى عن زخرفة المحراب، أو كتابة شيء من الآيات أو تعليق الساعات ونحو ذلك مما يكون في قبلة المصلي، قال الإمام مالك -رحمه الله-: "أكره أن يكتب في قبلة المسجد بشيء من القرآن والتزويق" وقال: "إن ذلك يشغل المصلي" (?).
وينبغي أن يكون المسجد مربعًا أو مستطيلًا؛ لتتساوى فيه الصفوف، وتتضح جهة القبلة لمن رأى المسجد، كما ينبغي الحذر من عمارة المسجد على هيئة توحى بالتشبه، حتى إن من رأى بعضها لا يدري أهي مساجد أم لا، بسبب أشكالها الغريبة (?)، والله المستعان.
كما يجب البعد عن الإسراف والمبالغة في تطويل المنائر أو تعددها -كما في بعض المساجد- مما