أم لا- هل يعدّ مسجدًا فيعطى أحكام المساجد؟ قولان:
الأول: أن مصلى العيد ليس بمسجد، فلا يأخذ أحكامه، إلا ما يتعلق بطهارة البقعة، وتواصل الصفوف، والاقتداء بالإمام، وهذا قول جمهور العلماء؛ لأن مصلى العيد ليس له جماعة راتبة يقيمون الصلاة المفروضة، وما لا تقام فيه الصلاة المفروضة لا يعتبر مسجدًا، فلا تكون له أحكام المسجد (?).
القول الثاني: أن مصلى العيد مسجد، إذا جعله صاحبه وقفًا، فيأخذ أحكام المسجد من تحريم البيع والشراء فيه ودخول الحائض، ونحو ذلك، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة. وهو قول عياض الدارمي (?).
قال في الفروع: (والصحيح أن مصلى العيد مسجد) (?). واستدلوا بقول أم عطية -رضي الله عنه-: (أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور، ويعتزلن الحيّض المصلى) (?).
ووجه الدلالة: أن فيه أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحيض باعتزال المصلى، فدل على أنه مسجد، له حكم المساجد، ولو لم يكن كذلك لما منعت منه الحائض ...
وأجاب الجمهور عن ذلك بأن أمر الحيّض باعتزال المصلى ليتميزن، ولئلا يلوثن المصلى، وليتسع لغيرهن (?).
والقول بأن مصلى العيد مسجد قول قوي، وذلك لوقفه لله تعالى للصلاة فيه، ولا فرق بين أن يكون لصلاة عيد أو راتبة؛ لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر الحيّض باعتزاله، والمرأة الحائض لا تعتزل إلا المسجد، لا تعتزل مصلاها في بيتها أو مصلى رجل في بيته. وعلى هذا فيصلي الإنساق إذا دخل مصلى العيد (?).
أما مصلى الجنائز -إن وجد لها مكان خاص- فليس بمسجد؛ لأن صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود (?).
ومما يأخذ حكم المسجد: رحبة المسجد -وهي ساحته ومتّسعه- والغالب أنها متصلة به، يشملها سوره، سواء كانت في وسط المسجد وخلفها وأمامها أروقة، أو كانت الأروقة في جهة القبلة فقط، كما في أكثر المساجد (?).
وكذا مكتبة المسجد؛ وهي غرفة تبنى في رحبته غالبًا، فلها حكم المسجد إن كان بابها في وسط المسجد، فتشرع تحية المسجد لمن دخلها، ويصح الاعتكاف فيها، فإن كان بابها خارج المسجد فليست منه، وكذا لو كانت خارج سور المسجد، بأن بنيت بجواره وفتح لها باب إلى المسجد فإنها لا تكون منه (?).