وله غير ذلك من التساهل والتأويل، كالحديث المخرج في (الضعيفة) (6037).

والحق: أن كتابه نافع جدًا في بابه، فقد جمع كل ما يتعلق به سلبًا أو إيجابًا، قبولًا أو رفضًا، دون تعصب ظاهر منه لأحد أو على أحد.

وأحسن ما فيه الفصل الأول من الباب الثاني وهو كما قال: (في ذكر أدلة خاصة تدل على أن تارك الصلاة لا يخرج من الملة) وعدد أدلته المشار إليها اثنا عشر دليلًا.

ولقد ظننت حين قرأت هذا العنوان في مقدمة كتابه، أن منها حديث الشفاعة هذا، لأنه قاطع للنزاع عند كل منصف -كما سبق بيانه-، ولكنه -مع الأسف- قد فاته، كما فات غيره من المتأخرين أو المتقدمين على ما سلف ذكره.

غير أنه لا بد لي من التنويه بدليل من أدلته، لأهميته، وغفلة المكفرين عنه، ألا وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(إن للإسلام صوى ومنارًا كمنار الطريق ... ) الحديث؛ وفيه ذكر التوحيد، والصلاة، وغيرها من الأركان الخمسة المعروفة والواجبات ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ... فمن انتقص منهن شيئًا فهو سهم من الإسلام تركه، ومن تركهن، فقد نبذ الإسلام وراءه).

وقد خرجه المومي إليه تخريجًا جيدًا، وتتبع طرقه وبين أن بعضها صحيح الإسناد، ثم بين دلالته الصريحة على عدم خروج تارك الصلاة من الملة.

وقد كنت خرجت هذا الحديث قديمًا في كتابي (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (رقم: 333) منذ أكثر من ثلاثين سنة واستفاد هو منه كما هو شأن المتأخر مع المتقدم، ولكنه لم يشر إلى ذلك أدنى إشارة، ولقد كان يحسن به ذلك، ولا سيما أنه خصني بالنقد في بعض الأحاديث، وذلك مما لا يضرني ألبتة، بل إنه لينفعني أصاب أم أخطأ، وليس الآن مجال تفصيل القول في ذلك.

وقال الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله:

حكم تارك الصلاة

إن هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى، وقد تنازع فيها أهل العلم سلفًا وخلفًا، فقال الإمام أحمد بن حنبل: "تارك الصلاة كافر كفرًا مخرجًا من الملة، يقتل إذا لم يتب ويصل".

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: "فاسق ولا يكفر".

ثم اختلفوا فقال مالك والشافعي: "يقتل حدًا" وقال أبو حنيفة: "يعزر ولا يقتل".

وإذا كانت هذه المسألة من مسائل النزاع، فالواجب ردها إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه} [الشورى: من الآية 10]. وقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: من الآية 59].

ولأن كل واحد من المختلفين لا يكون قوله حجة على الآخر؛ لأن كل واحد يرى أن الصواب معه, وليس أحدهما أولى بالقبول من الآخر، فوجب الرجوع في ذلك إلى حكم بينهما وهو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وإذا رددنا هذا النزاع إلى الكتاب والسنة, وجدنا أن الكتاب والسنة كلاهما يدل على كفر تارك الصلاة, الكفر الأكبر المخرج عن الملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015