فإن قبره لم يكن في المسجد، بل كان في داره، فلما دخلت الدار في المسجد عند التوسعة (?)، صار فيه. وقد نص الحنفية أن من آداب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ألا يستقبل الزائر القبر بل يقف بحذاء رأسه الشريف ويصلي عليه ويدعو له، وهو مستقبل القبلة (?). مع أن الثابت من تاريخ سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام، وهو الذي يسميه النصارى (يوحنا المعمدان) أنه كان على عهد المسيح عليه السلام، وأن الإمبراطور الروماني أمر بقتله وسلّم رأسه إلى (تلك) الراقصة الفاجرة، فعَبَثت به ولم يُعلم مصيره، فهو قد قُتل في الأردن، قبل عمارة الأموي بنحو ستمئة سنة، فمن أين وصل الرأس إلى هذه المغارة؟ وكيف قطع هذه المسافة على الأرض، وهذه المسافة في الزمان، ثم استقر سليماً في هذا السفط؟.
أما تسمية الكنيسة بمار يوحنا فلا يدل على شيء، لأن عند المسيحيين أكثر من عشرين كنيسة، في كل منها قبر ليحيى عليه السلام (?). هذا وعندهم أكثر من عشرين قديساً باسم (مار يوحنا). فمن قال بأن الاسم المقصود هنا هو ليوحنا المعمدان؟.
وعلى فرض صحة الخبر الذي رواه ابن عساكر، فإنه لا يثبت إلا أنهم وجدوا رأساً عليه اسم يحيى لا يُعرف من كتبه ولا تاريخ كتابته، وليس لدينا أي دليل على أن هذا القبر هو ليحيى، وليس لدينا دليل كذلك على نفي أن فيه رأس يحيى عليه السلام. فالله أعلم بحقيقة الحال.