الخاتمة:
في افتعل المتعدي واللازم
اعلم هداك الله ووفقك لما ارتضاه أني كنت نويت أن أجعل في مكان هذه الخاتمة نقدا يشتمل على ما فات صاحب القاموس من الألفاظ اللغوية والاصطلاحية الفصيحة وكنت جمعت منها خمسة كراريس مع مقدمة وازنت فيها بين العرب العارية والعرب المولدين والغرض من ذلك الاحتجاج بكلام هؤلاء إذا كانوا متضلعين من العربية كجرير والفرزدق والأخطل وبشار بن برد ومهيار الديلمي وأبي نواس وأبي تمام والبحتري والمتنبي وأبي فراس واضرابهم واقمت على ذلك عدة بينات من جملته أن المولدين راعوا حق اللغة والتزموا قواعدها أكثر من العرب في الجاهلية لأنهم اعتقددوا أن اللغة وسيلة إلى فهم التنزيل والحديث الشريف فبالغوا في ضبطها ما أمكن وهذا الأمر لم يكن يخطر ببال العرب قط فإذا كان المولدون قد جاؤوا شيا مخالفا للأصول والقواعد فإنما كان لعدم وقوفهم على نص فيه أو لأنهم كانوا قادرين على توجيهه وتخريجه بخلاف العرب العاربة فإنهم خالفوا تلك الأصول لعدم المبالاة ولهذا قيل ما جاز للعرب المتقدمين لم يجز للمتأخرين وبقى النظر في قول العلماء أن كلام المولدين لا يحتج به فإنهم لم يبنوا معنى المولدين فغاية ما قالوه في المولد أنه عربي غير محض فإن كان بذلك أنه الذي نشأ بعد الإسلام فهو محض تعنت لأن من هؤلاء المولدين من عاش قبل أن عرف التأليف في اللغة فكيف يحكم على كلامهم بأنه لم يكن عربيا صحيحا من دون كتب اللغة على أن كل ما ألف في اللغة لم يكن مستقصيا لجميع مفرداتها وعلى كل فكان ينبغي لمن أنكر الاحتجاج بكلام المولدين أن يبين عصرهم. والثاني أنه لا يمكن أن يخطر ببال عاقل منصف أن الشاعر البليغ من هذه الطبقة يخترع الفاظا ليس لها أصل في العربية وهو بين ظهراني علمآء ينتقدون على الطائر طيرانه وعلى البعير وخدانه على أنه لو كان أحد من المولدين ألف كتابا في اللغة لقبل لا محالة فليس من الإنصاف أن تقبل روايته في اللغة ويرد كلامه في الشعر إلى غير ذلك من التنويه بتوثيق المولدين وإنما ألومهم على أنهم اقتصروا على الشعر ولم يؤلفوا في اللغة غير أن هذا اللوم يشمل غيرهم أيضا من أهل القرن الأول إلى يومنا هذا إذ كان يجب على أهل القرن الأول عقب تشييد أركان الإسلام أن يقصدوا العرب في البادية ويستقروا قبائلهم قبيلة