واجتباه أمر مستفيض عند اليهود فقد ورد في غير موضع من التوراة ان الله تعالى دعا سليمان عليه السلام ابنا له والمراد بذلك الاختصاص بل كانوا ينسبون اليه تعالى كثيرا من الجمادات كقولهم خباء الله وجبل الله وشجرة الله فلا غرو اذا ان يقولوا ابن الله. الرابع ان الحواريين ومن بعدهم مع انهم عظموا عيسى عليه السلام ورووا عنه معجزات شتى لم يرووا عنه انه كان يعرف اللغة العربية. الخامس ان الازهرى والجوهرى وابن سيده وصاحب اللسان لم يحكموا التوليد بمعنى التربية ولو كانت عربية فصيحة لم تفتهم وتمام المجازفة والخلط ان الصغانى بعد ان حكى مثلهم ولد الرجل غنمه توليدا كما يقال نتج ابله نتجا قال عن ثعلب ومما حرفته النصارى في الانجيل قول الله تعالى لعيسى عليه السلام انت نبي وأنا ولدتك اى ربيتك فقالوا انت بنى وانا ولدتك فانظر الى من يتهافت على نقل ما قيل من غير روية ولا دليل ولا يفرق ما بين الزبور والانجيل. في الراء النسطورية بالضم وتفتح امة من النصارى تخالف بقيتهم وهم أصحاب نسطور الحكيم الذى ظهر في زمان المأمون وتصرف في الانجيل بحكم رأيه وقال ان الله واحد ذو اقانيم ثلاثة وهو بالرومية نسطوروس اه وهذا أيضا من الطراز الأول اعنى رواية من غير روية اذ مقتضى كلامه ان نسطور هو الذى اخترع هذا القول افتئاتا من عنده مع انه عرف قبله عند جميع النصارى على اختلاف جنسيتهم ولغاتهم وآرائهم بنحو اربعمائة سنة فان نسطور كان في القرن الرابع من الميلاد ولهذا لا يحتمل ان يقال انه ظهر في زمان المأمون. قال صاحب كتاب الأوائل والاوخر اول من القى العداوة والبغضاء بين النصارى واليهود رجل من اليهود يقال له بولص قال قال أبو الليث رحمه الله في تفسير قوله تعالى فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيمة قال فالقى بينهم بولص العداوة فقتل منهم خلق كثير وهو انه جاء الى بلاد النصارى فجل نفسه اعور فقال لهم انا فلان فقالوا انت الذى قتلت منا وفعلت فقال قد فعلت ذلك كله وانا تائب لانى رأيت عيسى بن مريم عليه السلام في المنام نزل من السماء فلطم وجهى لطمة فقأ بها عينى وقال لي ما تريد من قومى فتبت وانا جئتكم لاكون بين ظهرانيكم واعلمكم شرائع دينكم كما علمنى عيسى في المنام فاتخذوا له غرفة فكانوا يجتمعون عنده بأمرهم وينهاهم ويفسر لهم الانجيل باقوال متشابهة ويلبس ويشكك الاحكام عليهم ففرقهم واضلهم واوقعهم في الضلال والكفر فاستحلوا الخمر والخنزير وافسد عقائدهم بانواع البدع والاهواء فقال بعضهم ان الله ثالث ثلاثة المسيح وامه وقال بعضهم ان الله هو المسيح بن مريم فوقع بينهم القتال وهم اى النصارى ثلاث فرق نسطورية ويعقوبية وملكانية فاغرى بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيمة انتهى ومن المعلوم ان بولص كان معاصرا للحواريين بل هو الذى كان يطوف في البلاد داعيا