الجهل، والأصل في المبتدأ التقديم، وعلى المتفرع عليه كالأب بالنسبة إلى الابن وعلى الحالة القديمة، كما في قولك الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، والأصل في الأشياء العدم أي العدم فيها مقدم على الوجود، والأصل في الكلام هو الحقيقة أي الراجح، والأصل في المعرف باللام هو العهد الخارجي،
• فشتان ما بين التعريفين وعبارة الصحاح الأصل واحد الأصول، وعبارة العباب الأصل معروف،
• وبقي النظر في جمع الأصل على اصل فإن ابن سيده جمعه على أصول وقال أنه لا يكسر على غير ذلك،
• ومن ذلك قوله الشخص سواد الإنسان وغيره تراه من بعد، قلت هذا أصل المعنى فيه وهو من معنى الارتفاع، لكنه استعمل قديمًا وحديثًا بمعنى ذات الإنسان، قال في المصباح الشخص سواد الإنسان تراه من بعد ثم استعمل في ذاته، وعبارة المحكم الشخص جماعة خلق الإنسان وغيره، على أن المصنف نفسه استعمل الشخص بمعنى الذات بقوله في أخذ والإيقاع بالشخص والعقوبة،
• ومن الغريب هنا قول صاحب الكليات عند شرحه ثم العاطفة وقد يكون (أي ثم) ظرفًا بمعنى هناك، كما في مثل قولك الشخص سواد الإنسان تراه من بعد، ثم استعمل في ذاته اه، مع أن ثم هنا عاطفة لا ظرف،
• ومن ذلك قوله في قام قاومته قوامًا قمت معه، والمشهور أنه غالبه في القيام؛ لأن المفاعلة تأتي لمعان أحدها المصاحبة والمشاركة كجالسه وعاشره وآكله، الثاني المغالبة نحو خاصمة وماجده وكارمه، وقد يجتمع المعنيان في صيغة واحدة نحو سابقه، الثالث أن تكون بمعنى الفعل الثلاثي نحو حاذره وخادعه وغير ذلك، فقاومه هنا للمغالبة يدل عليه قول الجوهري قاومه في المصارعة وغيرها، وتقاوموا في الحرب أي قام بعضهم لبعض، ومثلها عبارة اللسان، وقال أبو بكر الزبيدي صاحب مختصر كتاب العين من مقالة أثنى بها على الخليل بن أحمد، ونحن نربأ بالخليل عن نسبة الخلل إليه أو التعرض للمقاومة له، وقال صاحب اللسان في شدد وفي الحديث "من يشاد هذا الدين يغلبه" أراد يغلبه الدين، أي من يقاويه ويقاومه، بل المصنف نفسه استعمل المقاومة بهذا المعنى في عدة مواضع من كتابه فقال في عزز وإذا عز أخوك فهن أي إذا غلبك ولم تقاومه فلن له، وفي نجذ الأنجذان نبات يقاوم السموم، وفي بيش ودواء المسك يقاومه وفي ليم وفيه بادزهرية تقاوم السموم، وفي السمن سلاء الزبد يقاوم السموم كلها، وقال في نهض وناهضه قاومه وتناهضوا في الحرب نهض كل إلى صاحبه، وهو مفسر لما أراد من قاومه وناهده في الحرب مثل ناهضه ويشبه ذلك المناوأة وهي المناهضة بالعداوة وأصل معناه من ناء بمعنى نهض؛ لأن من عاديته وحاربته ناء إليك أي نهض كما في المحكم والعباب، أما ذكر المصنف للقوام مصدر قاوم دون المقاومة فهو من إيجازه المؤدي إلى الإبهام، وعكس ذلك في قوله عاشره معاشرة ولم يقل وعشارًا وله نظائر، ويمكن أن يعتذر له بأن يقال إنه إنما ذكر قوامًا تنبيهًا على أن الواو صحت فيها بخلاف قام قيامًا وترك المقاومة لأنها