لم يلحقوه، فما ألحقوه بأبنيتهم درهم وبهرج، ومما لم يلحقوه الآجر والأفرند إلى آخر ما ذكر، وبقي النظر في قول المصنف الديزج من الخيل معرب ديزه ولما عربوه فتحوه، فإنهم لو تركوه مكسورًا لكان مثل الدرهم والزئبق، وفي قوله في مواضع كثيرة معرب من دون أن يذكر الأصل الذي عرب منه،
• ويعجبني منه كثيرًا مخالفته للجوهري في الجوهر، فإن الجوهري زعم أنه معرب وهو أورده مطلقًا ونص عبارته الجوهر كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به، ومن الشيء ما وضعت عليه جبلته اه، واشتقاقه ظاهر فهو على حد قولهم الوضح للدرهم الصحيح ولحلى من الفضة ويطلق أيضًا على القمر،
• وهنا ملاحظة وهي أن بعض أهل العلم يقولون أنه متى وجد فعل كان شاهدًا على أن اللفظ عربي، واستشهدوا على ذلك بلفظ الديوان فقالوا أنه عربي؛ لأنه يقال دونت الكلمة إذا ضبطتها وقيدتها، فالديوان موضع تضبط فيه أحوال الناس وتدون فيه، وعندي أن ذلك غير صحيح على الإطلاق فإن العرب تأخذ اللفظ العجمي وتتصرف فيه كما تتصرف في اللفظ العربي، كقول سيدنا علي نورزوا كل يوم، كما في المزهر وفي رواية المصنف: نيرزونا، وكقوله أيضًا: مهرجوا لنا كل يوم، وقد قالوا دنروجهه ودينار مدنر وأساطين مسطنة، وقاطير مقنطرة، وقالوا من الطيلسان تطلس ومن القرطق تقرطق، وقال المصنف في الذال النواخذة ملاك سفن البحر أو وكلاؤهم معربة الواحد ناخذاة اشتقوا منها الفعل، وقالوا تتخذ كترأس، وهو شائع في جميع اللغات، وعندي أن دبج من الديباج، وبناء على ذلك أي على أن العرب تتصرف في اللفظ العجمي، لم يكن الرد على من زعم أن الكنز معرب بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ} [التوبة: 34] كما رأيته في هامش شفاء الغليل ردًا قاطعًا، وإنما يرد عليه بأن يقال أن الكاف والنون وما يليهما من الحروف كلها أو جلها يدل على الستر والإخفاء، فالكنز غير خارج منها؛ لأنهم عرفوه بأنه المال المدفون، وفضلاً عن ذلك فإن الكنز ليس من الأشياء التي لم تكن معروفة للعرب كالديباج والإستبرق، ومن ثم أقول أن اللجام أيضًا عربي؛ لأنه كان لازمًا للعرب مثل السرج والركاب، أما ما كان غير معروف عندهم من أنواع المأكول والملبوس والمفروش والنبات فأقول بتعريبه، ولا شين في ذلك على العربية فإن جميع اللغات يستعير بعضها من بعض، وإنما الشين أن يكون للعرب ألفاظ عديدة مترادفة ثم يستعيروا من العجمية لفظة بمعناها، كاستعارتهم لفظة الرساطون للخمر مثلاً، مع أن أسماءها في العربية تنيف على مائة كما في حلبة الكميت ذكر منها الإمام السيوطي في المزهر ثمانين، كما أن من الشين أن ينسب اللفظ العربي الفصيح إلى اللغة العجمية كقول صاحب الكليات عن ابن عباس رضي الله عنه: أن هيت لك بالقبطية، مع أنها من أخوات هاء وها وهيا وهئ وهاى وهيك وهيه، في كونها وضعت للتنبيه والاستدعاء وهو وضع طبيعي مصطلح عليه في كل لغة