عنه. أحببت أن ابين في هذا الكتاب من الاسباب ما يحض اهل العربية في عصرنا هذا على تأليف كتاب في اللغة يكون سهل الترتيب واضح التعريف. شاملا للالفاظ التى استعملها الادبآء والكتاب وكل من اشتهر بالتأليف. سهل المجتنى دانى الفوائد. بين العبارة وافى المقاصد. فإن هذا اللسان وان يكن قد تضوع نشره. ونشر تضوعه. وترفع قدره. وقدر ترفعه. وصفت موارده. وورد صفآؤه. ووفت محامده. وحمد وفآؤه. وقام شاهد بيانه. وشهد قيام تباينه. وبزغت انواره فانار بزوغها. وسبغت استاره فاجار سبوغها. وشرق سائره وسار شارقه. وبرقت اسرته وسر بارقه. وسبق جواده وجاد سابقه. فا اجدره بان يكون لسان ذوى الحكمة والاحكام. وما اقدره على ان يصون مكان اولى الحرمة والاحلام. الا ان ألسنة الاجانب زاحمته في هذا العصر فكادت تحلئ عنة اهله. وتحجب عنهم ظله. وتحبس وابله وطله. لان ترتيب كتب لغاتهم اسهل. والوصول اليها اعجل. ولا سيما انها قليلة المشتقات. وليس في تعريف الفاظها كبير اختلاف في الوايات. اما من يتعاطون منا التجارة. ويحملون عبء الامارة. فانهم يزعمون ان اللغة العربية لا تصلح في هذا الزمن لهاتين الخطتين. فلابد من الاستعانة بكلام الاجانب وان ادى ذلك الى حطتين. كلا وربك ما بروا ولا صدقوا. وما دروا انهم بالذى عاب نفسه لحقوا. لانهم ما قالوا ذلك الا لحرمانهم منها. وقصورهم عنها. فمن ثم مست الحاجة الى زيادة تفصيل لمفردات لغتنا ومركبانها. وتبيين لاصولها من القصور والخلل. بنوع لا يحمل القارئ على الملل. ولا يقنطه من تحصيل فوائد اللغة التى هى خير محصل. غير قاصد بذلك التنديد بالمعايب. او التعديد لللمثالب. فان المؤلفين الاولين رحمهم الله القوا وبرعوا واجانوا. وافهام اهل زمانهم. فاختصروا واوجزوا. واشاروا ورمزوا. واعظم شاهد على ذلك انهم لم يظبطوا كلامهم على مثال. فكأن التصحيف لم يكن يخطر لهم ببال. ما عدا صاحب القاموس فانه تنبه لهذا الخلل. فضبط الكلام على مثل غير مقتنع بضبط القلم كما اشار اليه في الخطبة فنعم ما فعل. بل كانوا يكتبون ايضا بلا نقط. وهم آمنون ان يطرأ على كلامهم تحريف او غلط. فلا تكاد تجد كتابا قديما الا على هذا النمط. ومن هنا كثر الخلاف في الروايات. واتسع المجال في التأويل ما بين نفى واثبات. واحتمال وابتات. وفضلا عن ذلك فان حروف الهجآء في العربية متقاربة في الشكل كتقاربها في النطق. فلا غرو ان تلتبس على قارئها وان كان من احذق الخلق. ألا ترى ان خلاف القرآءة وقع ايضا في الكلام القديم.