يقولون قداسة، قاسوها على طهارة، وقديس كسكيت للكثير القدس، وهو بالسريانية قديشو، أما تفسير أهل اللغة للقدس بالطهر ففيه تسمح، وفسره صاحب المحكم بالبركة، ونص عبارته القدس البركة، وحكى ابن الأعرابي لا قدسه الله أي لا بارك الله عليه، قال والمقدس المبارك اه، وصاحب التهذيب أجمل القدس مع التقديس وفسره عن الليث بأنه تنزيه الله، وهو القدوس المقدس المتقدس، وعبارة الزمخحشري في أول المادة سبحوا الله وقدسوه وهو القدوس المتقدس رب القدس قال:
(قد علم القدوس رب القدس ... بمعدن الملك القديم الكرسي).
فالعجب أن يكون القدس مصدرًا ويشتق منه القدوس والمقدس والأقدس وقدس ولا يكون له فعل مع أن الإمام السيوطي نقل في المزهر عن بعض الأئمة أن صوغ التصاريف على القياس ثابت في كل مصدر نقل بالاتفاق، وهو في حكم المنقول فحيثما ذكر المصدر فالمشتقات تؤخذ منه بالقياس اه، قلت والمدار على تمييز المصدر عن الاسم وعلى فرض معرفة تمييزه فيكف يكون بناء الفعل وسائر المشتقات منه وقد تقدمت الإشارة إلى هذا البحث في أول الكتاب.
وأكثر ما وقع فيه الإبهام في المصادر، مصدر فاعل الثاني أو كما يقول بعضهم اسم مصدر، فإن المصنف كثيرًا ما يورده من الثلاثي أو يورده من الرباعي في موضعين، مخالفًا أو مقتضبًا أو يهمله بالمرة، وهو أمر دقيق يحوج إلى إمعان النظر ومراجعة أمهات اللغة ودواوين العرب،
• مثال ذلك قوله في فأل الفتال ككتاب لعبة للصبيان يخبئون الشيء في التراب ثم يقتسمونه ويقولون في أيها هو، وهو مصدر فاءل وقد جاء في شعر طرفة حيث قال:
(يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفائل باليد).
وقول المصنف في أيها هو فيه أن التراب مذكر فكان حقه أن يقول في أي موضع هو،
• وقوله في مثل والمثال المقدار والقصاص وصفه الشيء والفراش وهو مصدر ماثل كما صرحت به عبارة المصباح ونصها والمشال بالكسر اسم من ماثله مماثلة، إذا شابهه وقد استعمل الناس المثال بمعنى الوصف والصورة، فقالوا مثاله كذا أي وصفه وصورته اه،
• وفي مزج مزاج الشراب ما يمزج به، ومن البدن ما ركب عليه من الطبائع وهو في الأصل مصدر مازحه ولم يذكره بهذا المعنى تقصيرًا، وإنما ذكره مازحه بمعنى فاخره،
• وفي خطب وفصل الخطاب الحكم بالبينة أوز اليمين أو الفقه في القضاء أو النطق بأما بعد، وهو اسم من خاطب، وفي التنزيل {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} وفي المصباح خاطبه مخاطبة وخطابًا وهو الكلام بين متكلم وسامع، فما ضر المصنف لو قال كذلك،
• وفي حبب الحب الوداد كالحباب والحب بكسرهما إلى أن قال بعد طويل وككتاب المحاببة (كذا) وعبارة الجوهري والحب المحبة