ومنع السابلة فغم أيا تمام ذلك وسر أبا الوفاء فقال له وطن نفسك على المقام فإن هذا الثلج لا ينحسر إلا بعد زمان وأحضره خزانة كتبه فطالعها واشتغل بها وصنف خمسة كتب في الشعر منها كتاب الحماسة والوحشيات وهي قصائد طوال فبقي كتاب الحماسة في خزائن آل سلمة يضنون به ولا يكادون يبرزونه لأحد حتى تغيرت أحوالهم وورد همذان رجل من أهل دينور يعرف بأبي العواذل فظفر به وحمله إلى أصبهان فأقبل أدباؤها عليه ورفضوا ما عداه من الكتب المصنفة في معناه فشهر فيهم وفي من يليهم الخ فحينئذ صرفت اللوم عنه إلى نفسي. قوله ولو لم أخش ما يلحق المزكي نفسه من المعرة والدمان لتمثلت بقول أحمد ابن سليمان أديب معرة النعمان قال المناوي المزكي نفسه الذي ينسبها إلى الصلاح ويدعيه لها يقال زكا الرجل يزكو إذا صلح وزكيته بالتثقيل نسبته إلى الزكاء وهو الصلاح اه واقتصر المصنف في زكا على معنى الصلاح من الثلاثي حيث قال وزكا الرجل صلح وتنعم أما المثقل فجاء به من زكا بمعنى ونص عبارته زكا يزكو زكاء ثما كأزكى وزكا الله تعالى وأزكاه فقصر عن الصحاح في هذه المادة جدا قوله لو لم أخش قال الراغب الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم مما يخشي منه يناسب المقام فإنه فسره
بالرماد والسرقين وعفن النخلة وسوادها وتمحل بعضهم لأن قال أن المراد به هنا لازم الدمان الذي بمعنى السرقين وهو الحقارة وهو تكلف يأباه الذوق السليم والطبع المستقيم ولولا ولوع المصنف في هذه الخطبة بالتزام ما لا يلزم لقلت أنه أراد الذان أي العيب فسبق قلمه إلى الدمان والقول الذي أشار إليه هو هذا البيت
(وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل)
وهذا البيت رأيته أيضا في حاشية النسخة الناصرية ويقال أن بعض الصبيان الحذاق لما سمعه وقف عليه فقال يا عم إن الأوائل وضعوا حروف الهجاء المعلومة فزدنا أنت عليها حرفا واحدا فأفحمه ولم يحر جوابا بل قال أن هذا الولد لا يعيش لشدة ذكائه فمات الولد بعده بيسير قال المحشي لا يخفى أن المصنف أوتر القوس وعرض بالغير ونسب إلى جميع الكتب اللغوية الأوهام الفاضحة والأغلاط الواضحة مع استمداده منها وروايته عنها واستناده إليها واعتماده عليها وغالب ما خالف فيه الجماعة لا يخلو عن شناعة كما هو بين لمن له ممارسة لهذه العلوم الشريفة وقصر الكمال على نفسه وعلى كتابه وهذا مما يناسب مقام العلم ولاينبغي للعالم أن يتسربل بجلبابه ومن تتبع أوهامه وتخليطاته علم أنه لا يستفاد منه وحده فائدة يعتمد عليها في هذا الشأن وتبين له أن ما في الصحاح والمحكم وغيرهما من كتب الأقدمين المبسوطة هو الحق الغني عن البيان انتهى. قلت قوله ونسب إلى جميع الكتب اللغوية الأوهام