قنع ادريس بالوعود الشفوية التي أعطت له (?) ومعلوم أن الضعيف لايستطيع أن يملي شروطه في عالم السياسة والهيمنة على الشعوب ولكن الضعيف ان دخل في هذه اللعبة عليه أن يسمع ويطيع وينفذ ويرضى بالفتات على الموائد.
لقد اعترفت بريطانيا بالدور الخطير الذي قام به الليبيون في الحرب العالمية الثانية ضد المحور، وتحدثت الصحافة في تلك الفترة عن دور الليبيين في تلك الحرب، فبعنوان (صفحة جديدة في تاريخ ليبيا للمستر هـ. م فوت H.M.Foot، مساعد المعتمد البريطاني في عمان، ونائب الحاكم العسكري البريطاني في برقة سابقاً (مجلة المنتداء الفلسطينية العدد السابع (أكتوبر سنة 1943م) قال:
قليل من الناس يذكر حملة الصحراء الغربية المصرية في الحرب الماضية أيام كنا نحارب عدواً غير جيش ألمانيا الافريقي وغير الجيوش الإيطالية. نعني بهذا العدو جماعة صغيرة من الأعراب كانت تركب الإبل وليس لديها من السلاح إلا النذر اليسير، ولكنها مع ذلك شغلت جزءاً هاماً من القوى البريطانية طول الحرب الماضية تقريباً، ولم يكن بين هؤلاء الليبيين وبين بريطانيا العظمى خلاف، ولكنهم عقدوا النية على طرد الإيطاليين من بلادهم فتصدوا لمنازلة قوى الحلفاء الجبارة.
إن المقاومة التي أبداها هؤلاء العرب القلائل ضد الفرق الإيطالية تلك المقاومة الطويلة الباسلة، لهي قصة رائعة من قصص البطولة، فقد أمضوا في كفاحهم ثلاثين عاماً بين تلال برقة وصحاريها، وفي أثناء ذلك علق زعماؤهم على أعواد المشانق وصودرت أملاكهم وقتلت مواشيهم.
أما الأهالي أنفسهم فانهم سيقوا مع أطفالهم إلى معتقلات كبيرة في صحراء العقيلة ومع كل ذلك لم يدب اليأس في قلوبهم، وإنه ليتسنى للذين خالطوا هؤلاء العرب منا واستمعوا في مضاربهم إلى حديث الثورة التي أشعلوا نيرانها ضد الطليان أن يتفهموا قوة كفاحهم وماينطوي عليه من مجد وفخار، فكثير من رجالهم