إلا ثقافة ضحلة لاتسمن ولاتغني من جوع، لذلك ازدادت قناعتي بأهمية كتابة تاريخ بلادنا ليس من الحركة السنوسية فقط؛ بل ليمتد من الفتح الاسلامي الى العصر الحديث، وبعد خروجي من بلادنا العزيزة لطلب العلم ألتحقت بالجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية، وكانت فكرة كتابة التاريخ قد استقرت في ذهني، وشرعت في تنفيذها مستعيناً بالله العليم الحكيم، ومتضرعاً الى التواب الرحيم أن يلهمني الصواب، وييسر لي الأسباب، وبعد عشر سنين ظهرت تلك الفكرة بفضل الله ومنه وتوفيقه الى حيز الوجود في سلسلة صفحات من التاريخ الاسلامي في الشمال الأفريقي طبع منها ستة كتب، وانتشرت في المكاتب العربية، والمعارض الدولية، ووصلت الى كثير من القراء، فكانت بين مادح وذام، ومنتقد ومستدرك؛ قال الشاعر:
إن تجد عيباً فسدَّ الخللا
جل من لاعيب فيه وعلا
وقال الشاعر:
من الذي ما ساء قط
ومن له الحسن فقط
وقد وصلتني ملاحظات علمية قيمة أشكر أخواني على حسن نصحهم، وجميل أهدائهم، وتشجيعهم، وأدعو الله العلي الكبير ان يوفقني وأياهم لخدمة دينه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتاريخ الاسلام المجيد.
وها أنا الآن أقدم للجزء الأول للكتاب السابع وقد أطلع عليه بعض المختصين بعلم التاريخ، وقد قال أحد المؤرخين: إن مايقوم به هذا الباحث الشاب رد عملي على كل من يريد أن يفصل ليبيا عن جذورها الاسلامية الممتدة في أعماق التاريخ، ومن النوادر اللطيفة عندما كنت أكتب في هذا الكتاب طرق باب بيتي مجموعة من الشباب الليبي المهاجر، فأدخلتهم وأكرمتهم وبدأت أحدثهم عن الدرر، والجواهر، والأمجاد العظيمة التي يزخر بها تاريخ بلادنا المعاصر، فقال أحدهم لي أحدهم لانريدك أن تكتب التاريخ وإنما نريدك أن تصنعه؛ فقلت لهم: أنتم تصنعونه وأنا أكتبه، فضحك