وشعرت بالخطر المحقق نظراً لأن الملك فؤاد كانت أمه إيطالية وقد تربى في إيطاليا وتربطه بالإيطاليين علاقة حميمة ربما تدفعه إلى تلبية طلبهم ... ) (?).
ومن ذلك الحين بدأ الجهاد بقيادة عمر المختار في برقة ضد إيطاليا من غير هوادة أو لين، أو ضعف، أو خوار وقبل الدخول في سيرة الشيخ عمر المختار العطرة نحاول أن نقف مع الأحداث السابقة لنتأمل في العبر والدروس لتسترشد بها الأجيال في مستقبلها.
إن من الأمور الخطيرة التي مرت بها البلاد فيما بين 1916و 1923م أن انقسم زعماء ليبيا إلى قسمين بالنسبة للأوضاع الدولية، في بداية الحرب العالمية الأولى مما ضاعف من توسيع هوّة الخلاف، فأهل برقة عقدوا مصالحة مع الإنجليز وإيطاليا وأهل طرابلس وقفوا مع الأتراك قلباً وقالباً، وحدث تنازع على النفوذ ووصل إلى حد القتال بين الأشقاء وبعد هزيمة الأتراك والألمان، وخروجهم من ليبيا جاءت فكرة الجمهورية الطرابلسية، ولم يستطيع الزعماء أن يتغلبوا على أهوائهم الشخصية، فانتهى بهم الأمر إلى مقتل رمضان السويحلي رحمه الله تعالى، وهاجر سليمان الباروني رحمه الله من البلاد، وأصبح مستشاراً لحكومة مسقط بدولة عمان وتوفي أثر مرضه ببومباي بالهند عام 1941 (?)، وعبد النبي بالخير رحمه الله توفي في الصحراء الكبرى أثناء هجرته إلى تونس بسبب العطش (?) وأحمد المريض رحمه الله توفي في الفيوم بمصر عام 1941م (?) ومحمد ادريس السنوسي رحمه الله أصبح لاجئاً سياسياً.
أقول: لو اتفق زعماء طرابلس في بداية أمرهم على قلب رجل واحد لكانت النتائج لصالح الإسلام والمسلمين، لقد كانت البلاد في تلك الفترة في أشد الحاجة إلى توحيد الكلمة تحت قيادة رجل له مدارك الباروني، وهدوءه وحياده، وذكاء عبد النبي ودهاؤه، وصلابة رمضان وشجاعته، وحلم أحمد المريض وسعة صدره،