وقد بذل بشير السعداوي جهوداً عظيمة لحشد جموع المجاهدين حول السيد صفي الدين وتحت زعامة السنوسية، وكان قائد معسكر المجاهدين الطرابلسيين في وادي نفد حوالي ثمانية شهور من شعبان 1341هـ إلى شهر جمادي الأولى من عام 1342 (إبريل - ديسمبر 1923م).
وبعد فترة من الزمن بدأ زعماء المجاهدين في ترك معسكر نفد ولم يبق إلا أحمد السويحلي وكانت القوات الإيطالية تتقدم وتحتل المدن في منطقة طرابلس، وقد ذكر الشيخ طاهر الزاوي كيف احتل الطليان منطقة طرابلس ومدنها بنوع من التفصيل (?)، واضطر صفي الدين امام انحلال المقاومة، وضعف حركة الجهاد أن يذهب إلى جالو وبعث إلى الأمير محمد إدريس بمصر يخبره بكل ماوقع فأجابه الأمير بأن له أن يختار إما البقاء في جالو وإما الذهاب إلى جغبوب، وارتحل صفي الدين إلى الجغبوب في صفر 1243هـ، سبتمبر 1923م.
وكان بشير السعداوي يواصل جهاده المرير بجمع كلمة المجاهدين، وعقد الاجتماعات لتحقيق هذه الغاية في القرضابية ثم في قصر بوهادي واستطاع أن يؤسس مركزاً للجهاد في المكان الأخير، وتسلم القيادة في سرت وجمع شتات المنهزمين، اللاجئين إلى سرت، وكانوا حوالي خمسين أو ستين ألفاً، وثبت المجاهدون في مصراته وترهونة أقدامهم نتيجة لهذا العمل، ولكن الطليان بقواتهم الجرارة، وطائراتهم استطاعوا القضاء على حركة المقاومة رويداً رويداً، ثم هاجموا في آخر الأمر ورفلة وعندئذ انحلت المقاومة تماماً، واضطر بشير السعداوي إلى مغادرة سرت في عام 1924م بعد أن مكث بها سنة تقريباً، وكان السعداوي رحمه الله من أشد المجاهدين تحمساً في هذه الفترة العصيبة، ومن أعظمهم مثابرة على الجهاد وكان يتحلى برجاحة العقل، والرزانة، والهدوء، ويتصف بالقدرة على النظر البعيد وتقليب وجوه الرأي في عواقب الأمور (?)،