داخل ليبيا في ذلك الوقت لكانوا قبضوا عليه حتماً، وكانت أهميته القصوى بالنسبة لليبيين تكمن في سعة نفوذه وهيبته في العالم الإسلامي كزعيم للحركة السنوسية، وحنكته في أساليب التفاوض السياسي، وخبرته بالقضايا الدولية، وقد ظهر أثره في الحرب العالمية الثانية، واستفاد من الفرص التي اتيحت، وشكل الجيش السنوسي الذي خاض معارك ضارية ضد إيطاليا وألمانيا، وساعد ذلك الجيش الحلفاء مما اضطرهم بالإعتراف بالجهود التي بذلها الليبيون واستفاد الأمير محمد ادريس من تلك الأعمال الجليلة في مباحثاته ومفاوضته مع الإنجليز (?).

إن فترة المهجر التي عاشها الأمير محمد ادريس في مصر كانت من أصعب أيام حياته فقد قال عنها: (وكانت تلك الفترة تعيسة للغاية، فقدت أثنائها الكثيرين من أخلص أصدقائي وأنصاري الذين استشهدوا في معارك الجهاد ضد الإيطاليين، كما غمرني الحزن والأسى الشديد لمعاناة أهل برقة. وعقب احتلال الكفرة دمّر المسجد الذي كان يضم رفات والدي ونهبت وبعثرت محتويات المكتبة التي كان فيها الكثير من كتبنا ومخطوطاتنا. وماكان يشد من أزري عبر تلك الظروف العصيبة سوى ثقتي بالله وتعاطف أصدقائنا في العالم العربي) (?).

إن الأمير محمد ادريس قبل أن يغادر البلاد حاول تنظيم أمور المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي، وبحث الأمر مع زعماء ورؤساء برقة من جانب، ومع بشير السعداوي والوفود الطرابلسية من جانب آخر.

واستقر رأي الأمير على أن يعهد بالأعمال السياسية والعسكرية في برقة إلى عمر المختار نائباً عنه في تنظيم معسكرات المجاهدين وعهد بالمسائل الدينية، ومايتعلق بالسنوسية وشئون الأسرة الكريمة إلى أخيه السيد محمد رضا، وكان السيد محمد الرضا في جالو نائباً عن سموه في إدارة شئونها، وزود الأمير رجاله بالتعليمات اللازمة وأوصاهم باتخاذ الحيطة دائماً من غدر الطليان، واتفق مع الشيخ عمر المختار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015