والسياسية والعسكرية، مع مجلس نيابي تنتخب الأمة أعضاءه، وبهذا يسلم وطننا ويتم أمر ديننا وتصلح أحكام قضايانا ونحفظ شرعنا، وعنعنة تاريخنا الباهر، وهذا لاينافي ماتدعيه ايطاليا وما دأبت عليه من خطب رجالها من أنها لم تحتل ديارنا بنية الاستعمار، وإنما ساقتها دواعي السياسة الدولية في البحر المتوسط، ولو كانت صادقة في دعواها هذه لما عرضت بلادنا للخراب بتوالي الهجمات، واستعمال دهائها وقدرتها للتفريق والفوضى، وقد حاولت فصل الأمة بعضها عن بعض بطرق مختلفة وأبى الله إلا أن يجمع كلمة القطرين الشقيقين بأن يلتفا حول أمير واحد يرضيانه وحيث كان سموكم من أشرف عائلة وأكرم بيت مع ما تجتمع في ذاتكم الشريف من المزايا العالية، والأوصاف الجليلة فإن (هيئة الإصلاح المركزية) الحائزة للوكالة المطلقة من (مؤتمر غريان) الذي يمثل الأمة الطرابلسية، بانتخاب واقع منها قد وجدت في سموكم أميراً، حازماً قادراً على جمع الأمة للثقة العامة محبوباً، فهي لذلك تبايع سموكم أميراً للقطرين طرابلس وبرقة على أن تقودهما إلى ما يحقق أمانيهما الشريفة الإسلامية المنوه عنها.
على أن مبايعتكم كانت مضمرة في كل نفس منذ وقع الاتحاد بين مندوبي القطرين في (سرت) وكان السبب في تأخير تحقيقها طوارئ الحرب التي طوحت بكل واحد من أعضاء الهيئة، ورجال القطر في منطقة شاسعة من المناطق الحربية. وبهذه البيعة إن شاء الله أصبح سموكم الأمير المحبوب للقطرين المباركين، ومتى سنحت الفرصة عند تشريفكم إيانا حسب رغبة الأمة تقام لكم مظاهر هذه البيعة في موكب لائق بسموكم. والله سبحانه وتعالى يمدكم بروح من عنده ويجعل البركة في البيت السنوسي المؤسس على التقوى والصلاح) (?).
وبادر الأمير محمد ادريس بمصافحة تلك اليد الممدودة وقبل البيعة دون تردد وأجاب على كتاب البيعة في 22 ربيع الأول 1341هـ (22 نوفمبر 1922م) فقال: (وبعد فقد تناولت بيد الشكر عريضتكم التي أظهرتم فيها رغبتكم الخالصة في تحقيق غايتكم التي أجمعتم عليها في مؤتمر غريان وجهادتم لها جهاداً صادقاً بالأنفس