واشتغل بعض الزعماء المخلصين بإخماد نار الفتن ومحاولة رتق الفتوق في كل جهة، ولكن الخروق اتسعت على الراقع، وكلما حاول دعاة الإصلاح اطفاء نار الفتنة من جهة، أوقد الإيطاليون ناراً أخرى من جهة أخرى، ونفخوا في جمرها من جديد (?).

وكانت من أكبر الفتن الحرب الطاحنة بين الزنتان والبربر فقدت بها طرابلس من أبنائها مالايعلم عدده إلا الله، وقعت الحرب الأولى بينهم 1916م وخلفت من الضغائن بين الفريقين ماكان سبباً من أكبر الأسباب في الحرب الثانية التي دارت رحاها في سنتي 1920م،1921م (?). استغل الإيطاليون ذلك الصراع، وتلك الفتن، وتحركت جيوشهم للقضاء على الطرابلسيين، فاحتلوا يفرن في 31 أكتوبر سنة 1922م وكان معهم من الليبيين العملاء الذين انضموا إلى الجيش الإيطالي عدد كبير، وفي 17 نوفمبر 1922م احتلت غريان وبدأت المدن تتساقط أمام الجيوش الإيطالية، وانتهى الصراع بين مصراته وورفلة بمقتل رمضان السويحلي في عام 1920. لقد كانت فترة مابعد صلح بنيادم 1919م من أتعس الفترات التي مر بها التاريخ الليبي المعاصر، فترة سواد يتحاشى المؤرخ الحديث عنها.

لم تستطع الحكومة الوطنية التي تكونت بعد الصلح، أن تصنع شيئاً، وكل ماتقرره لاينفذ لان الزعامات كانت تتناحر داخلها، وذلك لايستغرب من حكومة في جمهورية لها أربعة رؤساء.

وهكذا ولدت الجمهورية وفي جسمها جراثيم هلاكها، إذ أن جمهورية يحكمها أربعة، لابد أن تغرق سفينتها بمجرد اقلاعها من الشاطئ، فتعدد الربابنة مدعاة لاغراق السفينة (?).

وقد صور الأستاذ خليفة التليسي تلك الفترة المظلمة فقال: (يلاحظ أن هيئة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015