مكانتهم، وقد نفع الله بهم نفعاً كبيراً، ولكنهم مع ذلك لن يغنوا عن العلماء شيئاً إلا في حدود علمهم، وقدراتهم كما أن المثقفين وهم، فئة من الأخيار الصالحين، ذوي تخصصات علمية برزوا فيها، سواء في العلوم التجريبية مثل، الطب والهندسة والكيمياء او في العلوم المسماة بـ (العلوم الانسانية) مثل علم النفس وعلم التربية وعلم الاجتماع، فهؤلاء وإن حمد لهم تخصصهم في مثل هذه العلوم فصاروا مرجعاً فيها، فإنهم غير مختصين في العلوم الشرعية، وهم في الاصطلاح العلمي الشرعي جمهور المسلمين، وعوامهم الذين يجب عليهم أن يكونوا وراء العلماء، ويجب عليهم أن يرجعوا للعلماء في أمور الشريعة، ويكونوا عوناً لهم في شرح واقع تخصصاتهم، فالطبيب يشرح الأمور الطبية، والاقتصادي يشرح الجوانب الاقتصادية العصرية، وهكذا ليفهم العلماء والفقهاء الأمور على حقيقتها، ويستخرجوا الحكم الشرعي وفق دراسة واعية ومتفتحة، إن كلام (المفكرين) والمثقفين يجب أن يكون محكوماً بالشرع، وأما إذا بنى هؤلاء المثقفون والمفكرون كلامهم في أمور الشريعة، وأحوال الأمة العامة على اساس من العقول والأهواء، وإطلاق القول بالمصالح دون نظر في كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأقول العلماء الراسخين، فإنهم بذلك يكونون أشبه بأهل الكلام (?).

ولابد من التفريق بين القارئ للعلوم الشرعية والفقيه فيها:

إن القارئ لديه نتف وجزيئات أمسك بها من خلال قراءته لبعض الكتب، واطلاعه على أقوال أهل العلم فهو لم يعان العلم، ولم يشافه العلماء، ولم يزاحمهم بالركب في الحلق.

أما العالم الفقيه فليس كأولئك بل هو ذو فهم شمولي عام للاسلام، واطلاع على مجمل الأحكام الشرعية، فهو لم يقرأ نتفاً، بل درس العلوم الشرعية دراسة شاملة عامة. فمر على مسائل العلم واستطاع تخريجها على أصولها، وأصبحت لديه ملكة فهم النصوص، وعرف مقاصد الشريعة، وأهدافها العامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015