بجيوشهم فأخمدوها في مدة خمسة أيام، وأسفرت عن قتل الشيخ سعيد وابنه وخادمه، وجماعة من رجاله، وعن نحو مئة قتيل من الفرنساويين. وانتقم الفرنساويون ممن وقعوا في أيديهم من أنصار الشيخ سعيد بالقتل والشنق والسجن. والتجأ كثير منهم إلى الحدود الطرابلسية، وجاهدوا مع الطرابلسيين، وكانوا يسمونهم المهاجرين وكان كبيرهم الشيخ الوحيشي رحمه الله (?).

إن هذه الثورة، وهذه الدعوة لقيام جمهورية شمال إفريقية تحتاج إلى دراسة واعية، متأنية، عميقة، لعل الأجيال تستلهم دروساً من الماضي وتجعلها نبراساً لها في المستقبل.

كانت الحرب إذ ذاك قائمة في جزيرة العرب بين الإنجليز والعرب من ناحية، وبين الترك من ناحية أخرى، ولم يطل الأمر حتى رجحت كفة الإنجليز على الترك، ثم اشتد الضغط عليهم من الجيوش العربية والإنجليزية في الشام، وتلاحقت عليهم الهزائم، وتحطمت جيوشهم، وضعفت عزائمهم، واضطروا للاستسلام وعقد الترك والحلفاء معاهدة جزيرة (موندروس) في 31 أكتوبر سنة 1918م تعهدت فيها بسحب جيوشها من جميع البلاد ومما جاء في هذه المعاهدة مما يتعلق بطرابلس في المادة 17 (يجب على جميع الضباط الترك في طرابلس الغرب أن يسلموا أنفسهم إلى أقرب مركز إيطالي. ويجب على تركية أن تقطع الأرزاق والمساعدات وكل صلة مع هؤلاء إذا لم يذعنوا ويسلموا).

وجاء في المادة 19 (تسلم جميع الموانئ في طرابلس ومصراته إلى أقرب قائد لجيوش الحلفاء).

وكانت هذه المعاهدة آخر سلاح استعمله الحلفاء لقطع صلة الترك بالعرب، كما كانت آخر عهد العرب بدولة آل عثمان التي تفككت أوصالها، وتراخت بها الحياة، وزال ظلها بعد أن حكمتها 416سنة، من عام 922هـ إلى 1338هـ لم تنقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015