والإساءة إليهم، وكان الأحرار من التونسيين، والجزائريين والمراكشيين يفكرون دائماً في التخلص من هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم وسلب حقوقهم، وقد انتهزوا فرصة نشوب الحرب في عام 1914م فألف جماعة منهم في الأستانة وفداً أخذ يعمل لإنشاء (جمهورية شمال افريقية) ينضوي تحت لوائها من حدود مصر إلى حدود بحر الظلمات، وكان في مقدمة هؤلاء السادة المجاهدين السيد علي باشا حنبه، والشيخ صالح الشريف، والشيخ إسماعيل الصفايجي، وهؤلاء الثلاثة من تونس، ومعهم جماعة من الجزائريين والمراكشيين، وزار الوفد ناظر الخارجية العثمانية، وأبلغه رغبة سكان شمال إفريقية في الاستقلال، وإنشاء جمهورية افريقية متحدة، وطلبوا منه إبلاغ ذلك إلى ألمانيا والنمسا رسمياً، وأن يسمح لهم بالسفر إلى برلين وفيينا لبسط مطالبهم والحصول على الوعود والمساعدات اللازمة.

وعرض اقتراح الوفد على سفير إلمانيا في تركية، فأبلغه بأن حكومته لاتتعهد لأبناء شمال أفريقية بالاستقلال إلا إذا ثاروا على الفرنساويين الذين يحتلون بلادهم، وغادر الوفد الأستانة عقب ذلك إلى برلين وزار وزارة الخارجية الألمانية، وقدم طلباته فقبلتها وسجلتها رسمياً، كما اعترفت بها النمسا وتركية أيضاً، فكان ذلك أول اعتراف دولي بالجمهورية الإفريقية المتحدة في شمال إفريقية. وقصد الوفد بعد ذلك إلى لهاي (مقر المحكمة الدولية)، فسجل هذا الاعتراف في سجلاتها، لأن عصبة الأمم لم تكن أنشئت إذ ذاك.

وتنفيذاً لرغبة الألمان في الثورة على الفرنساويين، ورجاء الوفاء بما وعدوا به الوفد من المساعدة، وإمداد الثورة بما يلزمها من المال وآلات الحرب وإنشاء جمهورية شمال افريقية قامت ثورة الحامة سنة 1915م، فاضطرت فرنسا إلى أن ترسل من جيشها ثلاثين ألفاً لإخماد الثورة. وقد اختيرت الحامة مكاناً للثورة لقربها من الحدود الطرابلسية، وليسهل الإتصال بها والاستناد إليها، وكانت إذ ذاك على أشدها، وقد قام بهذه الثورة الشيخ سعيد دبان من أعيان جنوب تونس وممثله في الجمعية الشورية، فأغار على مراكز الفرنساويين في الحامة، وقد تداركها الفرنساويون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015