اصبح بعد تلك الزيارة رجل مهماً بالنسبة لبريطانيا وحلفائها وشرع محمد ادريس لدفع البلاد نحو دهاليز السياسة، فأرسل رسالة الى ممثل الملك جورج الخامس في مصر، وهو الجنرال ماكماهون في ذلك الوقت مقترحاً عقد مفاوضات للصلح، فأجاب بالموافقة على فكرة اجراء المفاوضات من حيث المبدأ بشرط أن يشارك فيها الايطاليون أيضاً، ولم يجد محمد ادريس مفراً من قبول ذلك الشرط، وخصوصاً أن موقفه كان صعباً حيث أن هزيمة جيش السيد أحمد الشريف في مصر جردت السنوسيين من عنصر القوة العسكرية، فأصبح محمد ادريس مضطراً الى التفاوض من موقع ضعف عسكري بينما كان رصيده الوحيد في ولاء قبائل برقة، وحرص الانجليز على كسبه لصفهم وإضعاف الزعامة السنوسية الموالية للأتراك كما أن من العوامل التي ساعدت في دفع محمد ادريس نحو التقارب مع السياسة البريطانية ثورة الاتراك ضد السنوسية.

خامساً: ثورة الاتراك ضد السنوسية:

بدأت تلك الثورة في أواخر سنة 1916م وانتشرت في جهات عديدة حتى توجت بالنصر على السنوسية في فزان خلال شهر سبتمبر سنة 1917م، وطردوا منها محمد عابد السنوسي الذي التجأ الى الكفرة وترك واحة واو، وأصبحت فزان منذ ذلك الحين بيد الاتراك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى (?).

وفي اجدابية بدأ تحرك الضباط الأتراك منتهزين فرصة انشغال ادريس بالمفاوضات بعكرمة، فبدأوا بتأليب المجاهدين ضد السنوسيين هناك، فلما علم ادريس بذلك جاء بقوات كبيرة يقودها كل من عمر المختار والذي كان سنداً قوياً لمحمد ادريس ويقودها قجة عبد الله وعسكر ادريس بقواته خارج مدينة اجدابية، وضرب حول معسكر الاتراك بالمدينة حصاراً، وخيرهم بين أمرين التسليم أو مغادرة اجدابية الى أراضي طرابلس، وقبلوا الأمر الثاني فغادر الكثير منهم برقة الى طرابلس، واعتقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015