وغيرهم، وشرع في إدارة دفة الحكم في برقة بكل حزم ومهارة، فأظهر مواهبه كرجل إدارة محنك، وحاكم حازم، وكانت برقة تشكو في هذه الفترة المضطربة اختلال الأمن، وتعرض الاهالي لشرور المفسدين، فضرب محمد ادريس على أيدي المفسدين واستصدر من علماء البلاد "فتوى" لإعدام بعض السودانيين الذين وجدهم يعبثون في الأرض فساداً ينهبون الأموال ويفتكون بالأرواح (?)، فقام بشنق هؤلاء وكانوا سبعة رجال (?).
وقام محمد ادريس بتنظيم شؤون البلاد، وتوطيد الأمن وضرب على أيد العابثين، وقطع دابر المفسدين (?)، كانت مهمة محمد ادريس في برقة شاقة وعسيرة، وبخاصة بعد الفشل الذي أصاب المجاهدين بزعامة احمد الشريف على ايدي الانكليز فإن برقة كانت تعاني الأمرين في الحقيقة من جراء انتشار المجاعة بها وقتذاك (1915م) بسبب احتباس الأمطار، وفضلاً عن ذلك فقد غزت حملات الجراد البلاد في العام التالي فأتت على الزرع، وتفشى فيها مرض الطاعون، خصوصاً عام 1917م، وظل المطر محتبساً طول هذه المدة تقريباً، فكان أعظم بلاء شهدته برقة في تلك الفترة هو بلاء المجاعة (?).
وأمام هذه الظروف السيئة (اجتمع بعض أعيان أهل برقة وتدارسوا وتشاوروا في تلك الحالة المخيفة التي حلت بالوطن وأهله، وارسلوا وفودهم وكتبهم الى ادريس بمقره في اجدابية، وبصفته صاحب الحق الشرعي في إمارة السنوسيين ليتدارك ما وقع فيه ابن عمه احمد الشريف الوصي على الإمارة بمحاربته الانكليز جرياً وراء الاتراك، خصوصاً وأنهم لم يوفوا بوعودهم التي قطعوها له، فلم يرسلوا إليه بما يسد حاجة جيشه وبلاده كما وعدوه، بل ورطوا البلاد في نكبة الحرب ضد بريطانيا وتركوا شعبها المخلص لهم يموت جوعاً) (?).