يوماً من السفر الوئيد أثناء الليل والراحة في ظل خيمة بالنهار. وبعد إقامة ثلاثة أيام بمكة نصحني البعض بالذهاب الى مدينة الطائف الواقعة وسط التلال في جنوبي مكة، وكان الشريف حسين يمضي بها فصل الصيف مع ولديه عبد الله، وفيصل.

وقضيت في الطائف 75 يوماً، بما فيها رمضان وشوال وكان جوها لطيفاً بالفعل، فاستعدت صحتي تماماً. وفي تلك الأثناء حدث اغتيال أرشيدوق النمسا في ساريفيو، واندلعت الحرب العالمية الاولى. وبعدئذ توجهنا الى مكة لأداء مناسك الحج في أكتوبر 1914م، ونزلت بالزاوية السنوسية في ابوقبيس. ثم انتقلنا الى المدينة فاضطررنا الى البقاء فيها مدة شهرين لانقطاع المواصلات بسبب الحرب. وكان قد انضم إلينا في مكة اثنان من عرب برقة المعروفين، وهما رشيد الكخيا وعلي العبيدي.

وفيما كنا ننتظر بالمدينة اثناء شهر نوفمبر قامت الحرب بين بريطانيا وتركيا، فحاول الاتراك المسيطرون على الحجاز أن يحملوا العرب على الوقوف في صفهم، كما أخذ البريطانيون في التقرب الى العرب على نحو مماثل، غير ان الشريف حسين التزم موقف الحياد، متجنباً اعطاء أي رد مباشر على الدعوة التركية الى اعلان الجهاد. وفي ديسمبر عندما استأنفت القطارات رحلاتها العادية، سافرنا الى حيفا استضافنا الوالي التركي ابو شاهين. وهناك اكتشفنا أن الاتصالات مع مصر شبه مقطوعة تماماً لأن البريطانيين والاتراك كانوا يتقاتلون قرب قنال السويس، وكان البريطانيون قد اعلنوا الحماية على مصر بعد خلع الخديوي عباس الثاني واستبداله بعمه حسين كامل الذي منح لقب السلطان ولما كانت هناك باخرة إيطالية تقوم برحلات منتظمة بين حيفا ونابولي عبر ميناء بورسعيد، فقد ارسلنا واحداً من جماعتنا لاستطلاع امكانية السفر بهذا الطريق، وجاءنا رده مشجعاً، فحجزنا أماكن على الباخرة، غير أن القبطان قال أنه لايضمن السماح لنا بالنزول في بورسعيد، نظراً لأن السنوسيين كانوا حلفاء للاتراك وبالتالي فإننا نعد نظرياً من رعايا دولة معادية. ولكن العلاقات في ذلك الوقت كانت قد تحسنت نوعاً بين السنوسيين والايطاليين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015