إلينا في الجغبوب وبعد مسيرة سبعة أيام وصلنا الى الساحل عند مكان يسمى بقبق (بالقرب من السلوم) حيث شاهدت البحر للمرة الأولى في حياتي. ثم سافرنا الى الضبعة (التي كانت في ذلك الوقت آخر محطة للسكك الحديدية المصرية من ناحية الغرب)، ومررنا في طريقنا بمرسى مطروح حيث رحبت بي السلطات المصرية، كما زرنا الزوايا السنوسية في كل من سيدي البراني شماس ونجيله وأم الرخم وأبو هارون، ولدى وصولنا الى الضبعة استقبلنا صالح حرب، وهو ضابط مصري جاء مندوباً عن الخديوي عباس الثاني ثم سافرنا الى الاسكندرية بقطار خصوصي، ونزلت ضيفاً على الخديوي في قصر راس التين، ولقيت ترحيباً حارً من المصريين، فهم على الرغم من حيادهم رسمياً في الحرب مع إيطاليا كانوا يؤيدون اخوانهم المسلمين يبذلون كل مافي وسعهم لمساعدة السنوسيين بامدادات السلاح والمعدات الطبية، وفي ذلك الوقت كان اللورد كتشنر يشغل منصب المندوب البريطاني في مصر.

وبقينا في الاسكندرية تسعة أيام بانتظار باخرة بريد الخديوي الى حيفا، ثم سمعنا أنها سوف تعرج على ميناء بورسعيد فاستقلينا قطاراً خاصاً تفضل به الخديوي أيضاً لنقلنا الى هناك حيث ركبنا الباخرة وأبحرت بنا عند الظهر في نفس اليوم. وكانت الرحلة مريحة وصلت بعدها الى حيفا يوم 24 رجب فاستقبلني الوالي التركي استقبالاً رسمياً، وبعدها مباشرة سافرنا بقطار سكة الحجاز، وقد وضعت تحت تصرفي المقصورة الملكية الخاصة، وكان القطار الى المدينة يقوم بثلاث رحلات أسبوعياً تستغرق رحلته ثلاثة أيام يمر فيها بعدة محطات رئيسية، وهي درعا وعمان وتبوك ومدائن صالح؛ وهو كان مريحاً رغم بطئه، ويضم ثلاث عربات للنوم وواحدة للأكل، كما وجدت به زريبة لفرسي وبقيت في المدينة خمسة عشر يوماً كان الجو أثناءها قائظ الحر، فداهمتني الحمى، ولذا نصحت بالانتقال الى مكة لأن جوها ألطف قليلاً. ومع أن موسم الحج لم يكن قد حل بعد، إلا أنني امتطيت فرسي وانطلقت في رحلة المائتي ميل من المدينة الى مكة، فقطعتها خلال أحد عشر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015