من السيد احمد الشريف الذي كان يومها يتأهب للرحيل الى الجغبوب بناءً على طلب أنور باشا حتى يكون على مقربة من المجاهدين، وكان ردي على طلب الاخوان هو أن السيد أحمد مشغول بالاستعداد للسفر، وأننا على حافة الحرب مع إيطاليا، فلا أرى من المناسب أن أستلم منه في وقت كهذا، ثم انني أقدر خبرته الطويلة المجربة في ادارة شؤون الطريقة، ولكن متى استقرت الأحوال فسوف نلبي رغبتهم، ولاشك أن السيد احمد سوف يوافق على ذلك.
وسافر السيد احمد الى الجغبوب، بينما بقيت أنا في الكفرة عاماً كاملاً تدربت خلاله على تسيير الأمور المتعلقة بمسؤولياتي المقبلة. وفي تلك الأثناء تخلت تركيا عن البلاد لايطاليا، وبينما كان السيد أحمد يحارب الايطاليين، قررت أن أذهب الى مكة لأداء فريضة الحج ثم أعود لمساعدته، وبتاريخ الرابع من شوال (الموافق أغسطس 1913م) غادرت الكفرة برفقة ثلاثة من الاخوان هم (الحاج محمد التواتي والحاج فرج، والحاج علي العابديه (?)، وكان معنا ايضاً شيخ احدى الزوايا، وثلاثة من الخدم، منهم واحد سوداني، بالاضافة الى حداة الابل، وكنت أركب فرسي، وتحمل أمتعتنا الجمال، وسرنا بطريق القوافل الرئيسي الذي يمر بمناطق طلاب وربيانة وبوزيمة وزيغن، وابو عشكة، وبوطفل مؤدياً الى جالو، فاستغرقت الرحلة الى هناك واحداً وعشرين يوماً منها ستة عشر يوماً من السفر الفعلي، اذ كنا نسير ليلاً ونستريح نهاراً كالمعتاد أثناء الصيف. وقضينا تسعة أيام في جالوا التي كانت مركزاً تجارياً هاماً ثم أخذت مكانتها في التدهور على أثر اغلاق طريق القوافل من الساحل الى واداي وبعدئذ واصلنا السير نحو الجغبوب مروراً بخربة وقطمر، وترفاوي، وعبد السلام، واستمرت الرحلة كلها ستة عشر يوماً منها ثلاثة عشر يوماً في المسير.
ومكثت بالجغبوب سبعة أشهر من بيت أبي وكان المعهد الذي أسسه جدي هناك لا يزال مزدهراً. وفي شهر جمادي الثاني الموافق لأبريل 1914م غادرت الجغبوب متجها ًالى مصر مع نفس الجماعة وكذلك الحاج يونس العابدية الذي انضم