الزمن أرسله والده لتلقي العلم على يدي شيخ عرف بالصلاح والتقوى وبصحبته أخيه محمد الرضا، وابناء عمه محمد الشريف وبعد وفاة والده كفله ابن عمه أحمد الشريف، وتفرغ محمد ادريس لطلب العلم بعد ماحفظ القرآن الكريم، وتتلمذ على مجموعة من أفاضل العلماء اشتهر من بينهم، العلامة العربي الفاسي، وأحمد أبي سيف، والعربي الغماري، وحسين السنوسي، وأحمد الريفي، وأحمد الشريف السنوسي (?)، فأتقن القراءات، وعلوم الحديث، كما أتقن البخاري، ومسلم ومسند أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وموطأ مالك، ومسند ابي حنيفة، ومسند الامام أحمد، وكتاب الأم للشافعي، وغير ذلك من كتب الفقه والحديث والتفسير واللغة، وعلوم التاريخ، وتقويم البلدان، وتحصل على إجازات عدة (?).
ولما تقدم في السن أصبح من أعضاء مجلس شورى الحركة السنوسية ونظم لنفسه حياة خاصة، ورسم خطة سار عليها في حياته؛ فشيد منزلاً بزاوية التاج في الكفرة مؤثثاً بإبدع الأثاث، والفرش وعكف على الدراسة بهمة ونشاط واهتم بتكوين مكتبة خاصة أصبحت في طليعة المكاتب العربية، واتخذ حاشية مؤلفة من خيار الاخوان وكبارهم، وأقام منازل جميلة في مزارع السنوسية التي تقع في ضواحي التاج بواحة الكفرة أعدها بجميع ماتحتاجه من الضروريات، والكماليات، فإذا اشتقات نفسه للتريض والنزهة والترفيه خرج بحاشيته يقضي بعض الايام في تلك البساتين.
وكان مجلسه عامراً بالعلماء والأدباء، وكان يحب العلماء، ويجلهم ويكبر مافي نفوسهم من العلم، وينزلهم منه منزلة خاصة، ويحيطهم بعطفه وكانت أحب العلوم إليه الحديث الشريف، وعلم التاريخ والأدب والسياسة ولا يتحدث في موضوع إلا ويعلل رأيه فيه بعد تدقيق وتمحيص ثم يأتي بالحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، تارة من كتاب الله ومرّة من الحديث الشريف، وحيناً من أقوال السلف الصالح وأئمة المسلمين، وكان قوي الذاكرة، سريع الخاطر متين الحجة، وله اهتمام