ايطاليا منذ سنتين بحسب الاحصاءات الرسمية، وهذا كان ثمرة جهاد ذلك السيد السند.

نعم لم تأكل ايطاليا في اعتدائها الفظيع هذا مريئاً ولم تشرب هنيئاً، وعلق في حلقها من سمك الاسلام حسك لايزول في الاحقاب، ولا في القرون، وكل ذلك بما أراده الله على يد رجل قد كان يفهم الاسلام حق الفهم، ويعمل بما يعلم منه بدون انحراف يمنة ولا يسرة، ولم يكن في قلبه شيء من الدنيا بجانب الآخرة، وكانت جميع حطام هذا العالم الفاني لا توازي عنده جناح بعوضة في جانب الواجب الاسلامي، وهذا الرجل هو السيد السنوسي الكبير الذي لولاه لم يكن أنور قدر أن يعمل شيئاً، ولا كانت الدولة العثمانية قدرت أن تدافع عن طرابلس شهراً واحداً. وماكان المرحوم الشهيد البطل الفريد عمر المختار إلا حسنة من حسنات السيد أحمد الشريف، وقائداً من قواده.

قلت أن السيد السنوسي لو كان في عصر السلف لكان في صف أعاظم أبطال المسلمين، فكيف وهو في عصر الخلف الذين بينهم، وبين السلف مابين المشرق والمغرب، وإن هذه المقابلة تذكرني بما قاله احد العلماء عن أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -: ماقام أحمد بأمر الاسلام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل أحمد بن حنبل فقيل لذلك القائل، وأظنه ابن المديني المحدث المشهور: ولا أبوبكر الصديق؟ فأجاب ولا أبوبكر الصديق. وذلك لأن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - كان له رجال وأعوان وأن احمد بن حنبل لم يكن له رجال ولا أعوان، وإنما كان يناضل بقوة نفسه وحدها.

ونحن نقول لو كانت الدولة العثمانية قاومت ايطاليا هذه المقاومة أو قاومت أعظم من أيطاليا مما سبقت لها العادة بمقاومته وأحياناً بموالاة الهزائم عليه لما كان في ذلك مايقضي بالعجب، ولكن الذي قام هذا المقام الشريف، ووقف هذا الموقف التاريخي النادر النظير هو رجل لايملك سوى قوة ارادته، ومتانة ايمانه، وإيمان رجاله، وعزة أنفسهم بالاسلام، وصبرهم في البأسا وحين البأس، وبينهم وبين عدوهم في الاعتدة والأسلحة والمال، والعدد من الفروق الهائلة مالا يحتمل التنظير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015