بالقاعدة السياسية والمبادئ الاساسية التي يسير عليها الأوروبيون حرباً وسلماً، وعملاً وعلماً، ولم تتعرض الى مايجب من ذلك على المسلمين الذين ينهاهم كتابهم عن الخضوع للاجنبيين عنهم ويقول لهم: " ... إن كان اباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لايهدي القوم الفاسقين ... " ولم يكن تقديمنا الحجة الاولى لكوننا أشد بها اقتناعاً من الحجة الثانية، ولكن لمعرفتنا أن مثل هؤلاء المصابين بمرض الافتتان بالسلطة الأوروبية ليسوا ممن يقبلون الجدال على قاعدة الأوامر والنواهي القرآنية، وإنك إن لم تستظهر عليهم بكتاب أوروبي أو سنة غربية لم يفدك الأخذ والرد معهم شيئاً.
فالسيد أحمد الشريف السنوسي هو خاتمة مجاهدي الاسلام الى هذا الوقت قد سبقه الشيخ شامل الداغستاني الذي قاوم الروسية أربعين سنة، والامير عبد القادر الجزائري الذي ناهض فرنسا 17 سنة، وتبعه في الجهاد واقتدى بسيرته محمد عبد الكريم الخطابي الريفي الذي كانت مقاومته قصيرة ولكنها عريضة تواقف فيها مع دولتي فرنسا وأسبانيا معاً وجهاً لوجه وزلزلتا في حربه زلزالاً شديداً ولولا السيد أحمد الشريف رحمه الله تعالى لكانت ايطاليا استصفت قطرى طرابلس، وبرقة من الشهر الاول من غارتها الغادرة عليهما واننا لانزال نذكر كلام القواد، ورجال السياسة الاوروبية عن الحملة الايطالية يوم جردتها ذينك القطرين إذ قال بعضهم إن إيطاليا ستقبض على ناصية الامر، وتستكمل هذا الفتح في مدة 15 يوماً، وقال أشدهم تشاؤماً وأقلهم تخيلاً، وأبصرهم بأمور الشرق وهو اللورد كتشنر المشهور أن هذا الفتح الذي يستهله الناس على إيطاليا أمامه من الصعوبات أكثر مما يظنون، وقد يستغرق ثلاثة أشهر بالاقل .. فليتأمل أولوا الألباب كيف أن هذه الثلاثة أشهر امتدت عشرين عاماً، ورزأت الدولة الايطالية بمائة وخمسين ألف عسكري قتلى عدا الجرحى، وبثلثمائة مليون جنيه من الذهب الوضاح، هذا كان مجموع خسائر