أشعره النبأ الصادع، والخبر الفاجع الذي نقل الى الآفاق نعي الاستاذ الأكبر، والسراج الأزهر خاتمة المجاهدين، ومثال الغزاة المرابطين، السيف الباتر على هدى الصحابة الكرام في العصر الحاضر محي مآثر الأوائل في ايام الأواخر سيدي أحمد الشريف ابن سيدي الشريف ابن سيدي محمد بن علي السنوسي رضي الله عنه وعن سلفه وأرضاهم وجعل في جوار قدسه مأواهم.

إن فجيعة العالم الاسلامي بهذا الرجل الكبير من رجاله، بل بهذا الجبل الراسي من جباله هي من الحوادث التي تشغل مكاناً خاصاً في تاريخ مصائب الاسلام الذي أصبح أغنى تواريخ الأمم بالمصائب، وان هذا الفقيد العظيم لو عاش في زمن السلف الصالح وأيام الغزوات العربية والفتوحات العمرية لما كان مكانه في ذلك الوقت ليقصر عن مكان أحد من أولئك الابطال الذين نشروا الاسلام في الخافقين ورفعوا لواءه من نهر الرون الى جدار الصين، فما ظنك وهو قد جاهد هذا الجهاد كله، ووقف مدة عشرين سنة في وجه دولة من الدول العظام في عصر دثرت فيه معالم الجهاد، وانطفأت جذوة الاسلام حتى لم يبق منها إلا الرماد، واستولى اليأس على قلوب المسلمين حتى حسبوا كل مقاومة لدولة أوروبية ضرباً من ضروب الحماقة، وعم ذلك جموعهم الحاضر منهم والباد، وانتشر في الربى والوهاد، ومع هذا فإن سيدي أحمد الشريف السنوسي قد أتى ببرهان ساطع، ودليل قاطع على أن فئة من المسلمين في قطر لايتجاوز عدد أهله عدة مئات من الألوف يمكنها بقوة الارادة، وثبات العزم، ومضاء الصريمة، وإباء الضيم، وترجيح المعنى عن المادة، وإيثار الشرف على الترف، وامتلاء القلوب بالايمان، ووقف النفوس على اعتزام عزائم الاسلام ان تثبت مدة 240 شهراً، بازاء دولة عدد أهلها اثنان واربعون مليوناً مجهزة بجميع ماهي مجهزة به عظيمات دول العالم المتمدن لها من فيالق البر وأساطيل البحر، وسيارات الكهرباء، والمحلقات في الفضاء ما لاتملك أعظم منه دولة من الدول القاعدة في الصف الأول في ممالك الأرض.

وقد يقول المتعنتون الذين في قلوبهم مرض والذين لايروقهم إلا أن يروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015