الضباط الطرابلسيين اللذين في خدمة الدولة، انكم تبغونني أقاتل ابن عمي سيدي ادريس، لكونه اتفق مع الانكليز والطليان) فقال له أنور: (معاذ الله أن نبغي منك ذلك، لأننا نعلم أنه لم يبق للاسلام في افريقيا حصن أحصن من هذا البيت السنوسي الكريم، وإنه إن وقع لاسمح الله الشقاق في هذا البيت فسد الأمر، واضمحلت القوة السنوسية التي عليها معول الاسلام في افريقيا، فكن على ثقة بأننا نبغي اتحادكم قبل كل شيء، نصحاً بالاسلام وضناً باستقلاله، وان معاونتنا لكم إنما هي محض حمية على الاسلام، لأن تركيا من جهتها لم يبقى لها أدنى أمل باسترداد طرابلس، ولأننا لانحب إخواننا مسلمي افريقيا تبعة للاجانب) (?).

وتتابعت الحوادث بسرعة البرق، فتغيرت الوزارة في تركيا، وسقط أنور، وندم أحمد الشريف على تأخره عن السفر، وحاول الانسلال من الاستانة الى النمسا، حتى يركب منها الغواصة راجعاً الى ليبيا، واضطر مع دخول الحلفاء الى الذهاب الى بروسه، وكان الاتراك اينما حل يكرمونه غاية الاكرام، وكان في نيتهم الوقوف مع مجاهدي ليبيا ولكنه سبق السيف العذل، وحصل مالم يخطر ببال، والأمر بيد الله وهو الفعال في ملكه مايشاء، لايسأل عما يفعل وهم يسئلون.

لقد دخلت جيوش الحلفاء الى استانبول واستولت على عموم الولايات والموانئ وعقدوا العزم على إبادة تركيا، وتشتيتها وتقسيمها، واراد الانكليز أن يستغلوا هذا الظرف لصالحهم وبدأوا في تنفيذ مخططهم الهادف الى تدمير الدولة العثمانية بواسطة الاتراك أنفسهم المتصلين بالنوادي الصهيونية، والماسونية، والدول الغربية، وحرصوا على أن يجعلوا منهم أبطال ضد الحلفاء ثم يقومون بتدمير الخلافة الاسلامية، كلياً، وكان من المؤهلين لتنفيذ هذا المخطط الرهيب مصطفى كمال، الذي لبس في بداية أمره ثوب الاسلام ورفع شعار الجهاد لحين من الزمن، وقاد حرب التحرير ضد اليونان التي احتلت ازمير في 16 مايو 1919م وكان يلقي الخطب الحماسية ويقول: (موتنا أعزاء شرفاء خير من حياتنا أرقاء أذلاء تحت اليهود النصارى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015