بغض النظر عن حقيقة هذه القصة التي في الرسالة، إلا أننا نجد فيها أمور مهمة منها: اهتمام الانجليز بشخصية أحمد الشريف واحترامها ومحاولة كسبها واستمالتها، ونجد أيضاً استعانة الإنجليز بالعرب الأدباء ليكتبوا لهم ما أرادوا توجيهه لسيادة أحمد الشريف - رحمه الله - وهذا أسلوب إنجليزي معروف، فيحاولون إيجاد ثغرات ومنافذ في كيان الأمة والسعي الدؤوب في تضعيفها، وتمزيقها، فقد نجحوا مع أمير مكة الحسين بن علي، وهم الآن يحاولون مع أحمد الشريف، كانت بريطانيا حريصة على جذب السيد أحمد الشريف إلى معسكرها، أو تحييده، وكانت حريصة على أن تكسب الشعوب الإسلامية، وأنها تعمل على مساندة حركة المجاهدين المسلمين في ليبيا، فتخدر بذلك مشاعر المسلمين في مصر، والهند، وغيرها، وأظهرت تعاطفها مع أحمد الشريف للضغط على إيطاليا، وتضعيف تحالفها مع المانيا في حربها المنتظرة.
بعد دخول تركيا الحرب العالمية الأولى بجانب المانيا، رأت الحكومات التركية والألمانية الاستفادة من جهود السنوسيين لتشتيت القوات الإنجليزية، وفق خطة لإحتلال قناة السويس وتطهير مصر من الوجود الإنجليزي، ولتحقيق هذه الغاية بعث أنور باشا إلى أحمد الشريف يبلغه أن السلطان العثماني قرّر منحه النيابة عنه في إفريقيا، ويخوّله ما له من نفوذ مطلق مدنيا، وعسكرياً، مثل حق إعطاء الرتب، والنياشين، والعفو عن المحكومين، والتولية والعزل، دون الرجوع إلى الباب العالي باستانبول، ثم وصل إلى برقة الضابط العثماني أخو أنور باشا (نوري باشا) ومعه الأوسمة الرفيعة والنياشين، وقابل أحمد الشريف قرب السلوم وسلمه رسالة أخيه أنور التي كانت تحمل نبأ إعلان الحرب، وتعيين السلطان له نائباً عنه في إفريقيا الشمالية (?)، وفي نفس الفترة وصل برقة الضابط الألماني مانسمان (?) الذي كان معه كتاب خاص