إن موافقة الدولة العثمانية على عقد معاهدة الصلح مع إيطاليا على تلك الصورة السالفة الذكر دليل قاطع على أن الدولة العثمانية كانت تعيش أسوأ مراحل تاريخها، وأن الأزمات العنيفة كانت تهدد كيانها (?)، وهو ماعبر عنه السفير البريطاني في الاستانة الذي اعتبر شروط الصلح التي تم التوصل إليها بين الدولة العثمانية وإيطاليا من (أفضل مايمكن أن تحصل عليه الحكومة العثمانية في ظل الظروف القائمة) (?) وصدر الأمر من الاستانة الى القائد العام التركي انور بك بأن يغادر برقة فوقع هذا النبأ على نفس أنور وقوع الصاعقة وتوجه الى الجغبوب لمقابلة أحمد الشريف السنوسي والتفاهم معه.

كان موقف احمد الشريف واضحاً قبل توقيع الصلح بين إيطاليا وتركيا، فقد بعث الى أنور باشا في درنة يذكر فيه ماوصله من أن الدولة تعتزم إعطاء ليبيا الى إيطاليا فقد جاء في رسالته: (نحن والصلح على طرفي نقيض، ولا نقبل صلحاً بوجه من الوجوه) (?) إذا كان ثمن الصلح تسليم البلاد الى العدو، وزيادة على ذلك فقد حذره مما سوف يحدثه قبول الصلح في نفوس المسلمين في جميع الاقطار من نفور شديد من الدولة العثمانية وحمل الكتاب أربعون شخصاً من كبار السنوسية المجاهديين الى القائد العثماني (?).

استقبل احمد الشريف أنور بك بسيارته وكانت هذه أول سيارة تدخل صحراء برقة، وقوبل بحفاوة بالغة، وأقام في ضيافة السيد أحمد ثلاثة أيام، وابلغ أنور مضيفه أوامر السلطان وأدلى إليه بتوجيهاته (إسناد أمر الأمة الطرابلسية الى سيادته وإخباره بأن السلطان قد منح الأمة الطرابلسية استقلالها تاركاً لها الحق في أن تقرر مصيرها وتدافع عن نفسها) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015