وتشاد، لمؤازرة اخوانهم المجاهدين في الجبل، والغرب وهي الجهات التي ظل زعماؤها حريصين على استقلالهم ولا يريدون منذ ظهور الحركة السنوسية الانضواء تحت لوائها؛ ومع هذا، فقد كان أحمد الشريف صاحب نفس عظيمة همته في الجهاد، والتغلب على العوائق التي تحيل دون وحدة الصف الاسلامي في بلادنا (?)، يقول الشيخ الطاهر الزاوي عن أحمد الشريف: (فالسيد احمد الشريف صقله العلم، وهذبته العبادة، فعفت نفسه، وكبرت همته، .. وأخلص عمله لله فتولى الله توفيقه، وأطلق ألسنة الناس بمدحه والثناء عليه) (?).
لقد تدفق أتباع الحركة السنوسية كالسيل الجارف على ميدان القتال في طرابلس، وفي منتصف يناير 1912م قال السيد أحمد الشريف كلمته لأهل طرابلس وجميع العرب، فأصدر نداءه المشهور يحث فيه الطرابلسيين والبرقاويين، وأهل ليبيا على الجهاد ضد العدو المعتدي ويعلن فيه نبأ اعتزامه النزول بنفسه الى الميدان على رأس قوة من المجاهدين كبيرة. وقد نقش نداء أحمد الشريف على راية من الحرير حملها المجاهدون في طرابلس من مكان الى آخر بين القبائل الضاربة في الجنوب خصوصاً، فكان من أثر هذا النداء (النداء) أن تدفقت جموع المجاهدين على المعسكرات العثمانية في العزيزية وغريان، وعلى مراكز العرب في (سنيات بني آدم)؛ فكان المعسكر في (السنيات) بعد ذلك يعج بجموع المجاهدين من الزاوية والعجيلات، وزنزور، ومصراته، وصرمان، وأولاد يوسف، واورفله، وغريان، والجبل، والعزيزية، وأولاد سليمان، ومجاهدي فزان والتوارق. ثم ولم يكتف احمد الشريف بذلك بل أعد نجدة خاصة لتعزيز قوات المجاهدين في العزيزية، وفي 25 مارس 1912م وصلت نجدات احمد الشريف الى العزيزية مسلحة بالبنادق والحراب والسيوف، وتحمل معها نبأ تحرك نجدات اخرى، لاتزال تجد السير في طريقها الى معسكر المجاهدين، وكان يوم وصولها يوماً مشهوداً في تاريخ الجهاد في طرابلس.