ذلك من كتب العلوم المعقولة والعلوم الطبيعية وغير ذلك، ولا يطبع في العالم كتاب باللغة العربية إلا ويبحثون عنه ويظفرون به، .. ) (?).

لقد كانت الجغبوب محلاً لتخريج القادة، وشيوخ الزوايا، ولذلك حرص ابن السنوسي، وإبنه المهدي أن يوفروا كافة أسباب النشاط العلمي، وتتلمذ محمد الشريف على الشيوخ والعلماء، ونهل من الكتب الموجودة، في المكتبة المباركة حتى وصل إلى درجة عظيمة من الفقه والعلم يقول الأستاذ الأشهب: (سمعت هذه الحكاية الآتية من تلميذه والدي، السيد أحمد بن إدريس. قال: كنا نحضر على السيد الشريف، وكنا ندرس عنه الحديث والتفسير والتصوف ومطولات كتب اللغة، يجلس بكل تواضع، ويضع الكراس الذي بيده فوق منضدة من الخشب توضع أمامه، ويقرر مانحن بصدده، وعندما يمر بمشكلة فقهية أو تاريخية أو لغوية يسرد لنا رضي الله عنه من ذاكرته جميع وجوهها، وما ورد فيها من أقوال العلماء أو الأئمة المصنفين بأسلوب عذب ساحر خلاب، ولايترك قولاً ورد فيها إلا ويأتي به، ثم يوضح الأصح من الأقوال والمتفق عليه. وعندما نقف على أي بيت من الشعر في أي كتاب نقرؤه، أو أي موضوع نتناوله، يقول لنا: إن هذا البيت من قول فلان المولود سنة كذا، والمتوفى سنة كذا، ويبتدئ في قراءة القصيدة من ذاكرته، إلى أن يقف على البيت الذي كان السبب في إعلامنا بقوة حافظة سيدنا وسلامة ذاكرته) (?).

إن هذا العالم الجليل، والحبر العظيم، والبحر الزاخر من العلوم كان من أعمدة الحركة العلمية، فبوفاته اهتزت الجغبوب، وتأثر الإمام المهدي بهذا الحدث الجلل يقول أحمد الشريف عن خبر وفاة والده (وفي يوم النصف من شوال أتانا رسول خبره فصعب علينا فراقه غاية، وأزعجنا نهاية، ولكن لم نقل إلا ماقاله الصابرون المهتدون إنا لله وإنا إليه راجعون) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015