وقد جاء في رسالة بعث بها لأخيه قوله (وقد زال تغير الهواء بلا ضرر ولا عناء والألم الذي معي تهاون بحمد الله .. وقد ظهر النقص في الحبة الأولى لأنها الكبيرة وقل سيلانها وانجلت الزرقة التي حولها وكانت قدر دائرة الكف من غير الأصابع .. وصرت أقدر على تكلف الجلوس في الصلاة وملاقاة الناس) (?). وجاء في رسالة أخرى أرسلها لأخيه بتاريخ 13 ربيع الأول 1313هـ قوله: (أحسست بالألم في الجهة الأخرى وتزايد .. وبعد أن عجزت عن أداء الصلاة قائماً وقاعداً، وصرت أصلي على جنبي راقداً .. وقد تركت الخروج للناس والجمعة، ونرجو الله أن تكون العاقبة خيراً) (?). ثم يظهر أن صحته تحسنت بعد ذلك وقد عرفت ذلك من خلال رسائله التي أرسلها إلى شيخ زاوية الطيلمون محمد علي المحجوب، ومن المصائب التي مرت به، وكانت متلاحقة وفاة أستاذه عمران بن بركة في منتصف سنة 1311هـ، وتوفيت والدته في آخر تلك السنة. ثم لم يلبث شقيقه، ومساعده الأول محمد الشريف أن توفي في 27 رمضان 1313 (?).
كان محمد الشريف عالماً ربانياً، ومستشاراً عبقرياً، وكان مشرفاً على معهد الجغبوب، وقد تميز بغزارة العلم، ودقة الفهم، والقدرة على التدريس، وتتلمذ على كبار علماء الحركة السنوسية، وتفرغ للطلب والتدريس وساعده على ذلك وجود مكتبة كبيرة احتوت على النشاط الديني، والعلمي، والأدبي وقد تحدث الطيب الأشهب عنها فقال: (ونظمت بالجغبوب مكتبة كانت من مفاخره، إذ أنها تعد في طليعة المكتبات التي لايمكن للأفراد الإتيان بمثلها، وكانت تضم قسماً كبيراً من المخطوطات النفيسة، ولم يجد الإمام بلداً إسلامياً إلا واستجلب منه الكتب، فمن مصر والحجاز والشام والأستانة وتونس ومراكش، إلى غير ذلك من البلاد الإسلامية الأخرى) وقال الحشائشي عن هذه المكتبة: (أما الكتب الموجودة في خزائنها فقد نيفت على الثمانية آلاف مجلد، من تفسير وأحاديث وأصول وتوحيد وفقه، وغير