المبحث الثالث
رحلة المهدي السنوسي الى الكفرة وقرو
كانت خطة التوسع عند الحركة السنوسية تستدعي من زعيمها محمد المهدي الانتقال نحو الجنوب وفق خطوات مرسومة، ومراحل معلومة لدى قادة الحركة، وتقرر لدى محمد المهدي الانتقال من الجغبوب الى الكفرة، وشرع في تنفيذ القرار الاستراتيجي بسرعة البرق، فجمعت الأبل الكافية للنقل، وخبراء الطريق، والامتعة الضرورية، وعين الامام السنوسي رفقاءه في سفره الى العاصمة الجديدة، وفي يوم 22 شوال سنة 1312هـ جمع الامام السنوسي جميع سكان الجغبوب للوداع وألقى فيهم نصائحه الغالية، وانتقل بعد ذلك من الجغبوب والأفئدة تتقطع لهول الفراق والأعين وراءه شاخصة فنزل بموقع قريب من الجغبوب يقال له حطيئة (الزربي) وبهذا المكان كان وداع المشيعين وفي طليعتهم كبار الاخوان، كالسيد احمد الريفي، ومحمد عابد السنوسي، وأبي سيف مقرب، ومحمد المدني، وأحمد بن ادريس، وعمران السكوري، وهنا يظهر جلال الموقف وشدة الفراق، ونلمس ذلك في القصائد التي ألقيت يوم ذاك (?) يقول الأديب الحشائشي ولما آفاق ابو سيف مقرب من غشيته التي اصابته عن مفارقة الشيخ المهدي صعد فوق هضاب عال ومعه جماعة من الاخوان توجه الى الركب بنظره وطفق ينشد ارتجالاً من شعره العذب مايلين به الجلمود ويورق به العود (?)، حيث قال:
همو هيجوا يوم النوى أشجاني
وحاديهم لما ترنم اشجاني
وهم سلبوا لبي وألبس بينهم
رداء الردى جسمي وأثواب أحزاني
وهم غادروا جسمي لظاً بعد مهجة
جرى ذوبها من بحر مدمعي القاني