فوالله لا أنسى عشية ودعوا
فاودعتهم صبري وأودعت سلواني
وضاعف احزاني مواقف جمة
وبرح بي فقدانهن واضناني
يسائلني مولاي تسئال رحمة
يحل بها شأني ويبئس الشاني
ومن أعجب الأشياء رحلة معشر
غدت محشراً أوهت قوى كل انسان
تبلد من جرائها كل سوقة
وطأطأ اجلالاً لها كل سلطان
وزلزلت الدنيا وماجت بأهلها
وعادت عواد بين ترك وعربان
لك الله من ركب تيمم كفرة
تتاخم كيوار المتاخم سودان
غدا طاوياً نشر البسيطة باسطاً
لاعلام عز تنجد الضارع العاني
ومنتقياً عزماً يفل بحده
قواطع آراء من أهل وجيران
ولم يثنيه عما نوى ألم النوى
وأنّت محزون ورنة صبيان
وحثوا مطاياهم ببيض قبابهم
فلاحت نجوم دونها نجم كيوان
سروا والدياجي حالك صبح لونها
يؤمون احقافاً ترى ذات ألوان
وخلوا بجغبوب المقدسة علية
يعلون بعداً النهل طلاب عرفان
وقصراً مشيداً كان مطمح انفس
ومطلع مطعام ومطعن مطعان
ربعاً عهدنا بهوه وهو آهل
بانجاب اشبال وآساد خفان
وكانت لهم فيه مواقف جمة
أناب لها فخراً على كل إيوان
وحلت بواديه بواد فاصبحوا
نشاوى بإنشاد وذكر وقرآن
وكانت بمغناه علوما يبثها
مشايخ اعلام واعلام فتيان
رووا متنها عن حافظ اي حافظ
أسانيده تعلوا بضبط واتقان
هو (ابن السنوسي) الذي شاع ذكره
بكل بلاد بين سوس وإيران
إمام همام كان للحق قبلة
تيممها القاصي من الخلق والداني
وشهرته تغني عن اطراء مدحه
كما اشتهر (المهدي) بالعالم الثاني
سقى الله أرضاً زارها صوب قطره
وساق لذاك القطر عارض نسيان
على أنها تغني بعذب نواله
ومدراره عن كل أوطن هتان