ومناهضة للدين " (?) واستهجن الليبيون إعلان الدستور ولم يروا مبرراً لصدوره خاصة والشريعة الإسلامية كفيلة بسد حاجتهم، ووقع إثر ذلك حوادث كبيرة في طرابلس ضد الحركة والقائمين بها، وطالب غالبية الناس بابعاد من قدم إلى الولاية من الاتحاديين (?). ويذكر كاكيا:
(إن الأهالي في ليبيا نظروا إلى الجمعية بغير عين الرضى، وكرهوا رجالها، لتدخلهم في مسائل العادات والدين، وعدّوا إعلان الدستور انتهاكاً للشريعة الإسلامية) (?).
إن زعماء الحركة السنوسية كانوا شديدين الولاء للدولة العثمانية وكذلك زعماء المدن الليبية، وهذا يدل على الوعي العميق وشعورهم بضرورة مساندة دولة الخلافة، والمحافظة عليها من منطلق شرعي يدينون به المولى عزوجل وكان هذا الفهم منبثق من فهمهم لقول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا" (آل عمران، آية: 103) وقال تعالى: "ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" (آل عمران، آية: 105) فقد كان أجدادنا يرون: (ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً) (?).
وإن كانت الخلافة الإسلامية العثمانية خرجت في آخر أيامها عن خطها الصحيح لأسباب وعوامل داخلية وخارجية إلا إنها لازالت في دائرة الإسلام ولم تمرق منه مروق السهم، وخصوصاً قبل عزل السلطان عبد الحميد الثاني ولذلك رأى زعماء الحركة السنوسية والليبيون عموماً عدم الخروج على الدولة العثمانية: (ولانرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولاندعوا عليهم ولاننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم طاعة الله عزوجل فريضة، مالم يؤمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة) (?) هكذا كان موقف الحركة السنوسية وزعماء ليبيا من الدولة العثمانية.