اهتم سليمان الباروني بفكرة الجامعة الإسلامية، واتخذ من جريدته منبراً لإعلاء فكرتها، ومجالاً لبحث مشاكل المسلمين وتقصي أخبارهم. ومما جاء في افتتاحية العدد الأول منها .. فقد كان الرشاد في الأمة في زمن انقياد أفرادها بطبيعتهم لقوانين الشرع الشريف، ووقوفهم عند مناهيه. ثم لما دارت الأيام بدوران الدهر، وتغيرت الطبائع باختلاف أصناف البشر، وقع التساهل في أمر الدين، وانحلت عرى الاتحاد وساد الشقاق. وتؤكد الجريدة أنه سيكون على رأس اهتماماتها بذل النصح للأمة الإسلامية، وارشادها إلى مايعود عليها بالنفع العاجل والآجل والتقدم في مباراة الأمم الحية، ومزاحمتها في معترك الحياة الهنيئة (?).

وتساءل الباروني عن الأسباب الكائنة وراء فرقة المسلمين، وتفككهم، وما إذا كان ممكناً لمّ شعثها وتوحيد كلمتها في هذا الزمن الذي هم فيه أحوج إلى الاتحاد من أي شيء آخر (?). وهو يؤكد أن هذا ممكن، مدللاً عليه بشدة اهتمام اوروبا وساستها وكتابها بملاحظة الحالة التي بدأت تظهر بين المسلمين، بفعل مايبديه سلطانهم عبد الحميد وإلى جانبه المخلصون للعمل في سبيل تحقيق مابينهم من جامعة تضم كلمتهم وتوحيد رأيهم وتجمع شتاتهم أينما كانوا في أطراف المعمورة، حتى إذا ماكانوا يداً واحدة، وعلى قلب رجل واحد، ناقشوا أوروبا الحساب وناصبوها الحرب (?).

وقد ظل عموم الليبيين على ولائهم للدولة العثمانية وسلطانها عبد الحميد فهو بالنسبة لهم خليفة المسلمين، وملجأ الدنيا والدين، ودولته ملاذ المسلمين جميعاً ودرعهم الواقي ضد محاولات أوروبا للنيل من استقلالهم (?).

واستمر هذا الشعور قائماً لدى أهل المدن في ليبيا، وزعماء الحركة السنوسية وأتباعها، حتى قام حزب الاتحاد والترقي في تركيا بإبعاد السلطان عبد الحميد الثاني 1908م فلم يشعر أهل الولاية إزاء هذه الحركة بالاطمئنان، ولم يستبشروا بها خيراً، بل قابلوها بالمعاداة والاستهجان، لما عرفوه عن الاتحاديين من " بعد عن الحكمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015