الضياع فقدان القيادة الراشدة، وغياب العلماء الربانيين، وانعدام الغيرة الدينية، والإنشغال بالخلافات التي فرقتهم شيعاً وجماعات، والتفريط في حق دعوة الناس إلى الإسلام، وضياع الأقاليم الإسلامية، ولذلك اهتم بالبحث عن عوامل النهوض فرأى أن بدايتها في الإيمان العميق الذي هو أساس كل خير وسبب لحصول البركات ونزول الأرزاق قال تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ... } (سورة الأعراف، الآية: 9).
إن الإيمان هو القضية الأولى والأساسية لهذه الأمة، فإذا تخلف المسلمون عن غيرهم في وسائل الحياة الحرة الكريمة فمرد ذلك إلى انحرافهم عن فهم الإسلام فهماً سليماً، وعن ضعف إيمانهم بقيمه ومثله ولاسبيل إلى إصلاح حالهم ومآلهم إلا بالإيمان على الوجه الذي بينه الله في كتابه، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته. وهو أن يكون طاقة دافعة إلى العمل، وقوة محركة للبناء، وحافزاً طبيعياً للتفوق (?).
وقد وصل إلى حقيقة مهمة ألا وهي أهمية العلم في نهوض الأفراد والجماعات والأمم، لأن العلم ظهير الإيمان، وأساس العمل الصالح، ودليل العبادة (?).
فبعد أن قطع المرحلة الأولى من طلب العلم في بلده الجزائر اشتاقت نفسه للمزيد:
قال أبو اسحاق الألبيري - رحمه الله -:
فلو قد ذقت من حلواه طعماً
لآثرت التعلم واجتهدت
ولم يشغلك عن هوى مطاع
ولادنيا بزخرفها فتنا
ولا ألهاك عنه أنيق روض
ولاخدر بزينتها كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني
وليس بأن طعمت ولاشربتا
ثالثاً: الرحلة إلى فاس:
وكانت المرحلة الثانية في الطلب، حيث قصد مدينة فاس في المغرب الأقصى