سابعاً: موقف محمد المهدي من الحركة العرابية:

عندما اشتعلت الثورة العرابية عام 1882م اتصل أحمد عرابي طالباً للعون والمدد وعلمت بريطانيا بالأمر، فتدخلت لدى الدولة العثمانية ونشط قنصلها في طرابلس الغرب لمعرفة موقف المهدي. ويتضح من احدى الرسائل التي بعث بها والي طرابلس الى ولاية بنغازي بتاريخ 16 أغسطس 1882م أنه انتشر خبر مضمونه أن عدداً من قبائل برقة تهيأوا للألتحاق بعرابي وان الخبر وصل الى طرابلس من الاستانة، وأن قنصل بريطانيا في طرابلس يستفسر عن صحته. ويقول الوالي: (في حال أن هذا الخبر صحيح نطلب منكم إجراء التدابير الحكيمة). وقد اتضح لدى تحقيق المسؤولين في بنغازي أن هذه الجماعة التي تريد دخول مصر ماهي إلا حجاج وأن شيخ الركب هو شيخ الحجاج) (?).

إن المهدي السنوسي كان حريصاً على نموه الطبيعي ولذلك ابتعد عن الدخول في حروب لم يستعد لها، ويبدو أن المهدي السنوسي لم يقتنع بجدوى الثورة، كأسلوب لتحقيق مطالب عرابي لأنها تتيج للأجانب التدخل، وقد وضح هذا الرأي في رسالة بعث بها محمد الشريف أخو المهدي الى الشيخ مصطفى المحجوب شيخ زاوية الطيلمون بتاريخ شعبان 1306هـ بمناسبة قيام إحدى قبائل برقة بالعصيان على الدولة العثمانية، إذ قال فيها: (ونرجو أن تكون الفتنة التي بالوطن قد طفئت لأنها مخيفة سيئة العاقبة تشبه الفتنة العرابية التي من أجلها حل بالوطن الشرقي وأهله ماحل، لأنهم يحركونها ويعجزون عنها فتكون العاقبة التسليم للأجانب؛ فلو أنهم سلكوا طريقاً غير هذا لكان أسهل وأمن عاقبة وذلك بأن يلتجئوا للحضرة السلطانية ويلتمسوا من مراحمها الشاهانية التخفيف من هذا المجعول عليهم قائلين إنهم لاقدرة لهم لهذا الأمر الشاق، والتكليف بما لايطاق وان قلتم لابد منه نجلو عن الوطن، لكلية إذ لا قدرة لنا على العطاء ولا على المخالفة ... ) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015