وبعد أن سمع والده بحفظ ابنه للقرآن الكريم طلبه والده للمجيئ للحجاز، وصحبه العلامة محمد بن ابراهيم الغماري، وهناك عهد به والده الى نخبة من العلماء لتربيته وتلقينه العلوم تحت إشرافه المباشر، وفي سنة 1274هـ رجع محمد المهدي الى الجغبوب بصحبة العلامة عبد الرحيم المحبوب، وواصل محمد المهدي تعليمه العالي في معهد الجغبوب وأشرف على تعليمه وتربيته والده ابن السنوسي وكبار الأخوان.
وكان ابن السنوسي يتابع بعناية فائقة حركات وأقوال وأفعال ابنه، ويوجهه للصفات الرفيعة، والأخلاق الحميدة، وكان محمد المهدي منذ طفولته يتميز بالذكاء، وحسن الخلق، والتربية الرفيعة، ومن القصص التي تدل على صفاته الحميدة، جيئ للسيد المهدي في إحدى المناسبات بجواد مسروج ليركبه، وكان محمد المهدي لايزال صغيراً بحيث أنه لايستطيع وضع رجله بدون واسطة في ركاب السرج، وتقدم أحد الاخوان مطأطئاً ليصعد المهدي على كتفه حتى تصل رجله الركاب، وكان ابن السنوسي يلاحظ هذه الحركات وينظر إليها بإهتمام من طرف خفي، ورفض المهدي أن تطأ رجله كتفي الشخص الذي تقدم لمعاونته رفضاً باتاً، وأخذ يقود جواده بنفسه الى أن اقترب من حجر عال مثبت بالأرض فعلاه وبذلك تمكن من أن تصل رجله الى ركاب السرج فنال هذا اعجاب واستحسان والده والاخوان الحاضرين (?).
(وكان والده يكثر من سؤال الاخوان الذين يشرفون على تربيته وتعليمه عما وصل إليه فكانوا يبدون أعجابهم) (?).
وفي السنتين الأخيرتين من حياة ابن السنوسي اهتم بتوطيد مركز ابنه المهدي بين الأخوان، وألقى الأضواء عليه، وعمل على رفع شأنه.
نقل عن الشيخ عمر الفضيل -رحمه الله- قوله: جاء السيد المهدي بـ (لوحة) الى والده ابن السنوسي يريد أن يبدأ له فيه (بالأفتتاح) فلما فرغ من كتابته قال له: أشهد لنا بأننا خدمناك (?).