قطافهم، مما هو ثمرة أكيدة من ثمرات ((سوء الخلاق)).
ومن تَتَبَّعَ أسباب الانشقاقات التي حصلت في الجماعات، يَجِدُ معظمها أسبابًا أخلاقية .. لا عقدية، ولا منهجية.
ولذلك واكب دعوةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للتوحيد حسنُ خلقه، إن لم نَقُلْ: إن حُسْنَ الخلق عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سَبَقَ الوحي، ودعوة الناس للتوحيد، كما دَلَّ قول خديجة -رضي الله عنها- للنبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الوحي عليه، وخوفه منه: ((كلَّا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الْكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وَتُعِينُ على نوائب الحق)) (?).
وقال سبحانه:
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
ولذلك نلاحظ عناية الإسلام منذ اللحظة الأولى بالأخلاق، فلم تقتصر الدعوة في العهد المكي على التوحيد فحسب، بل كانت الآيات تطالب المسلمين بالأخلاق الفاضلة، بعد بيان ما عليهم من التوحيد والإيمان.
قال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1].
وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} [الضحى: 9 - 10].
وقال سبحانه: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)} [الماعون: 2 - 3].
وقال سبحانه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} [البلد: 12 - 16].