التيه والمخرج (صفحة 41)

وقال سيد قطب -رحمه الله تعالى- في ظلال هذه الآية:

((وَلَمَّا دعا الله الذين آمنوا أن يدخلوا في السلم كافة .. حذرهم أن يتبعوا خطوات الشيطان .. فإنه ليس هناك إلا اتجاهان اثنان .. إما الدخول في السلم كافة، وإما اتباع خطوات الشيطان .. إما هُدًى، وأما ضلال .. وبمثل هذا الحسم ينبغي أن يدرك المسلم موقفه، فلا يتلجلج، ولا يتردد، ولا يتحير بين شتى السبل، وشتى الاتجاهات، إنه ليست هنالك مناهج متعددة للمؤمن أن يختار واحدًا منها، أو يخلط واحدًا منها بواحد .. ليس هنالك حل وسط، ولا منهج بَيْنَ بَيْنَ، ولا خطة نصفها من هنا، ونصفها من هناك)).

قلتُ: فكل ما أمر الله به أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو حَثَّ عليه، فهو طاعة، سواء كان المأمور به صغيرًا في نظر المأمور، أو كبيرًا، وسواء أكان أصلًا -في نظر المطيع- أو فرعًا، كُلًّا أو جزءًا، فكل ذلك من الإيمان.

قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الإيمان بِضْعٌ وسبعون شُعْبَةً ... )) (?) الحديث.

فالواجب -إذن- العمل بجميع شرائع الإسلام، وأركانه، وفرائضه، وسننه، لمن أَحَبَّ، ولا يجوز أن نترك العمل بهذه لأنها جزئية، ونعمل بهذه لأنها كُلِيَّة ...

وبعبارة أخرى: إن العمل بشرائع الإسلام منوط (معلق) بالاستطاعة، وليس منوطًا بالكليات والجزئيات، والفروع والأصول - إِنْ سَلِمَ بَعْدُ هذا التقسيم-.

قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015