بهذا الضابطِ الصوابَ من الخطأ، وَعَرَفُوا بهذا الميزان الحقَ من الباطل، فتمسكوا بهما، وعندئذ ينصرون، وفي آخرتهم يَنْجُونَ.
((لكن هل هناك ضابط؟ وما هو؟ وأين هو؟ وما دليله؟ وهل يمكن أن تتوحد الأمة به؟ )).
لا شك أن هناك ضابطًا، بل لا بد أن يكون هناك ضابط ..
وهل يُعْقَلُ أن يترك اللهُ آخرَ دين نزل للناس متشابهًا، لا تُضْبَطُ نصوصه، ولا يُعْرَفُ الحق بين المختلفين؟ !
وهل من حكمة الله تعالى أن يأمرنا بالاعتصام، وَيُحَرِّمُ الاختلاف، ولا يبين لنا الضابطَ الذي يُوَحِّدُ الفهم، والسبيلَ الذي يزيل الاختلاف، وَيُوَحِّدُ الأمة؟ !
وهل من عَدْلِهِ أن يوجب علينا الاتفاق، ويحرم الشقاق، ولا يقيم علينا الحجة ببيان السبيل الذي يرفع الشقاق، بل يترك هذا لفكر زيد، أو رأي عمرو، ولنزداد اختلافًا وشقاقًا؟ !
إن هذا لا يليق برئيس بلدية، أو بمدير مرور ... أن يترك الناس يسيرون في الشوارع، كُلٌّ حسب رغبته، وكل حسب فهمه، ثم تَصَوَّرْ -بعد ذلك- ماذا سيكون، وإذا كان هذا لا يليق ببشر مخلوق، فكيف بربٍ، عليم، حكيم، رحيم، سيحاسب الناس على هذا الاختلاف؟ !
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105].
((إذن ضابط الفهم، ومزيل الاختلاف، موجود في الكتاب والسنة .. ))
نعم -والله- إنه لموجود، وَبَيِّنٌ، لا لَبْسَ فيه ولا غموض، وما علينا إلا