إذا تَبَيَّنَ لك -رحمني الله وإياك- أسبابُ الخلاف وخطورته، وضرورة الخلاص منه، فاعلم أنه لا نجاة منه، ولا من هذه المزالق الخطيرة، والتزيين الْمُضَلِّل الذي تعيشه الأمة الإسلامية إلا بتوحيد الصفوف، بعد إخلاص النيات، وتوحيد الصفوف لا يكون إلا بتوحيد الكلمة والمنهج، وتوحيد الكلمة والمنهج لا يكون إلا بالرجوع إلى الدين الحنيف، والتمسك به.
((لكن يمكن أن يُقال: كيف تدعون الناسَ إلى الرجوع إلى الدين، والدين مُخْتَلَفٌ فيه .. عقيدة، ومنهجًا .. شريعة، وسلوكًا ..
وَهَبْ أَنَّ الناسَ رجعوا إلى الدين، فماذا سيجدون سوى الخلاف ... والخلاف على أشده ... وسيجدون الطوائف كلها تَدَّعِي الأخذَ من الكتاب والسنة، وتزعم أن فهمها هو الفهم الحق، فماذا يفعل الناس؟ ... وكيف يتصرفون؟ )) ..
لا شك أن الدين مختلف فيه، وأن رجوع الناس إليه دون ضابط يضبط لهم الفهم الصحيح، وميزان يرجح لهم الصواب، إنما هو دوران في حلقة مفرغة، وعودة من حيث البدء.
ولذلك كان لا بد حين دعوة الناس إلى الإسلام من دعوتهم كذلك إلى هذا الضابط، مع بيانه وقواعده ... حتى إذا ما رجع الناس إلى دينهم مَيَّزُوا