وقال عثمان للرهْط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش؛ فإنما أُنزل القرآن بلسانهم؛ ففعلوا ذلك، حتى إذا نسخ المصاحف، ردّ عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أُفقٍ بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق" (?).
قال ابن الجزري: "وجردت هذه المصاحف جميعها من النقط والشكل؛ ليحتملها ما صحّ نقلُه وثبتت تلاوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط، وكان من جملة الأحرف التي أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أُنزل القرآن على سبعة أحرف"؛ فكتبت المصاحف على اللفظ الذي استقرَّ عليه في العرضة الأخيرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صرّح به غيرُ واحد من السلف كمحمد بن سيرين، وعبيدة السلْماني وعامر الشعبي (?).
وأخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال: قال علىّ: لا تقولوا في عثمان إلا خيرا؛ فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا على ملأ منّا؛ قال: ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أنّ بعضهم يقول: إن قراءتي خيرٌ من قراءتك؛ وهذا يكادُ أن يكون كفرا؛ قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعمَ ما رأيتَ (?).